للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأحمد أخي أشجع كما ذكر أخبار أحمد بن يوسف الكاتب وأسرته ولا سيما أخوه القاسم، لأن الأخوين اقتسما نثر الكلام ونظمه فتقدم أحمد بن يوسف في النثر وأخوه القاسم في النظم. وبنو أحمد بن يوسف من أصل قبطي مصري، أسر جدهم فنشأوا في العراق وما زالوا يعلون وتنبه أقدارهم حتى وزر أحمد يوسف للمأمون. وللقاسم في الشيب والزهد من قصيدة:

ودع شبابك قد علاك مشيب ... وكذاك كل معمر سيشيب

جازت سنوك الأربعين فأزعجت ... منك الشباب تجارب وخطوب

ودعاك داع للرشاد أجبته ... وبما يراك الغيّ ليس يجيب

فأبك الشباب وما خلا من عهده ... أيام أنت إلى الحسان طروب

يسبين لبك بالدلال وتستبي ... ألبابهن فسالب وسليب

طوراً يسامحن الهوى ويطعنه ... ويصبن قلبك بالجوى وتصيب

خلطن معصية بحسن إجابة ... فلهن عندك أنعم وذنوب. . .

ولهذا الشاعر قصائد جميلة قالها في أغراض شتى مثل قصيدة يشكو فيها البق والبراغيث والبرغش، وأخرى في رثاء هرة، وثالثة في الشكوى من النمل والفأر، ورابعة في رثاء الشاه مرخ (الشاهمرد)، وخامسة في رثاء القمري إلى غير ذلك (راجع ما كتبناه في درس هذا الجزء السادس في المجلد من مجلة المجمع العلمي العربي).

وفي الجزء الثاني من الكتاب أخبار الراضي والمتقي وتأريخ الدولة العباسية من سنة ٣٢٢ إلى سنة ٣٣٣ وفيه تجلت نفسية الصولي، وكان في الجزء الأول ينقل أخبار غيره فيجيد النقل ويحسن الاختيار؛ أما في هذا الجزء فتكلم فيه عن نفسه، وذكر أحاديثه مع الراضي وقصائد فيه، ومبالغة في محامده وعطاياه له، فظهر الإسفاف عليه بالحافة في الاستجداء من الخليفة وشكوى الزمان من الحرمان، وقول فلان منحني وفلان حرمني، مما لا يتناسب مع جلالة قدر من يدعي أن أهله كانوا من نسل ملوك جرجان، وهو يعاشر الخلفاء والأمراء، وهذا القسم مهم في تأريخ الخليفتين الراضي والمتقي، يتجلى فيه انحطاط الملك العباسي، وما كان يحاك حول الخلفاء من دسائس، وكيف تنزع السلطة من الخوالف شيئاً فشيئاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>