والغالب أن بعض المؤرخين اعتمدوا على نصوص الصولي في أكثر المسائل التي ذكرها واقتبسوا عباراته بحروفها، وشعر الصولي الذي شغل به صفحات طويلة من هذا الجزء معجون بالمصانعة، وعلى جانب من التكلف حاول أن يأتي بقصائد ذات قواف مستغربة، فأبهم وعمي، وحاد عن قانون السلاسة. ومما ذكره من شعر تلميذه الخليفة الراضي يفتخر:
لو أن ذا حسب نال السماء به ... نلت السماء بلا كد ولا تعب
منا النبي رسول الله ليس له ... شبه يقاس به في العجم والعرب
فأن صدقتم فأعلى الخلق نحن وإن ... ملتم عن الصدق أعنقتم إلى الكذب
وله من قصيدة:
إني أمروءٌ تصفو موارد رأفتي ... وتحْرُب سطواتي العدو المحرّبا
إذا عدت الأبيات أبصرت بيتنا ... كأن الثريا بالبنيّ مطنباً
رويدك إن النار تظهر تارة ... ويكمن في الأحجار منها تغيبا
وذكر له صفحات من شعره في الفخر والغزل والتشبيب وما أخلى الصولي الخليفة المتقي من تهكم وتعريض، ولعله قال ما رأى في هذا، وأغمض عن أمور رآها في سلفه الراضي، لأنه لم يكن له القبول الذي يحاوله في أيام المتقي، (ذكره ص٢٤٩) صورة أمر عن المتقي لما غادر بغداد إلى بعض أرجاء العراق وهو خائف من الناس قال: وكتب الخليفة إلى صاحب الشرقية أحمد أبن جعفر الزطي بكتاب يأمره أن ينادي بما فيه فنادى (أمر أمير المؤمنين أطال الله بقاءه بالنداء ببراءة الذمة ممن فتح من العمال والمتصرفين شيئاً من الدواوين، أو نظر في الأعمال، أو طالب بخراج، أو تصرف في عمل من الأعمال السلطانية بعد شخوص أمير المؤمنين، فقد أحل بنفسه العقوبة الموجعة وهجم (داره) وإباحة ماله، فقد أحب أمير المؤمنين ترفيه رعيته والاحتياط لهم، وترك إعناتهم، فليحذر المخالفون لذلك، وليلحق بأمير المؤمنين سائر عماله وأوليائه، ولا يتأخرون عن معسكره، وليلغ سامع هذا النداء الغائب عنه) أي أن الخليفة عطل كل شيء في بغداد لئلا يشغب العامة مدة غيابه عنها. وذكر المؤلف قصة تأديب الراضي وأخيه هارون وكيف أرسلت القهرمانة ريدان إلى المؤدب تقول (ص٢٦) (إن هذه المحاسن من هذا الرجل عند السيدة ومن يخدمها مساوئ، فقل له عني يا هذا ما نريد أن يكون أولادنا أدباء ولا علماء، وهذا