للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مؤدباً، وأعده مهذباً، فإذا به مغفل!).

فضحكت. . . وهكذا المرأة أبداً. . . ومن هذا الذي يجرؤ أن يزعم أنه يعرفها معرفتها؟ يفعل الرجل الشيء يطلب به رضاها، فإذا هي ساخطة ضجرة؛ ويتقي الشيء يخشى أن يغضبها بفعله، فإذا هي تلومه وتؤنبه وتعد ذلك من ذنوبه؛ وتختصر الطريق وتمشي إلى غايتك مباشرة، فتراها تؤثر اللف والمحاورة، فتروح تدور فتجدها قد تغير مزاجها، واختلفت رغبتها وانقلبت تؤمن بأن الخط المستقيم أقرب ما بين نقطتين؛ وتهدي إليها تحفة تتعب في انتقائها، وتغرم في سبيلها نصف دخلك، فتقول: (هل استشرتني قبل أن تشتريها؟)؛ وتستشيرها في مرة أخرى فتقول: (لو فاجأتني بالهدية لكان ذلك أحلى وأوقع) فأنت معها أبدا على كف عفريت سكران.

وعقول الرجل في رؤوسهم، أما عقل المرأة فقد يكون في حذائها - ولكنه على التحقيق - ليس في رأسها. وضائع، ضائع، من يجادلها بمنطق الرجال، أو يكلمها كلام العقل، فما عرفت ذلك يجدي معها. ولو أن رجلاً أثنى على عقل امرأة بكتاب في ثلاثين جزءا لما بلغ من نفسها ما هو خليق أن يبلغ بكلمة ثناء مفردة على جمالها - ولو كذباً - أو نظرة إعجاب واحدة إلى حذائها وإن كان أضخم من الباخرة نورماندي، أو مسحة بكفة - في حنو، ولو متكلفا - على شعرها وإن كان كضوء القمر.

ولست أذم المرأة، وكيف أجرؤ، وهي زينة الحياة وسر سحرها؟ ولكني أقول إنها مخلوق آخر، غير الرجل، وهو قول ليس فيه جديد، ولا شك أن الرجل يبدو للمرأة - كما تبدو هي له - مستغرب الأطوار شاذاً في أسلوب تفكيره، وطريقة تناوله للأمور.

إبراهيم عبد القادر المازني

<<  <  ج:
ص:  >  >>