للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

رجال الكنيسة أن يحولوا دون زواج القائمين بأمر الدين فيها، فصوروا المرأة بصورة بشعة تزهيداً منهم فيها، حتى لتساءل أحدهم أن كان للنساء نفس.

وجاء القرن الثاني عشر، والنساء مأخوذات بعوامل كثيرة في نهضتهن، وليس لهن من الحرية ما يتسع لكثير من أسبابها، ولئن أخذ كثير من الأساودة أو الفرسان وخدام الملوك يرون من الشرف رعاية السيدات، ومعاملتهن بقواعد اللياقة والظرف، فان كثيرين من المحافظين في الغاليين (المغول) كانوا يبالغون في وصف النساء بما لا يليق، ويحرمونهن كل حرية. أما النساء فكن يصبرن على هذه المعاملة ويحاولن الخروج من حالتهن السيئة، وبقين بين عوامل الحرمة وعوامل الاحتقار مدداً متطاولة، ولا يعْدمنْ مع هذا أناساً من طبقات مختلفة يحمونهن وبفضلهم يتصدرن ويظهرن، وأما القاعدة العامة فالتشديد عليهن والمبالغة في الاحتفاظ بالتقاليد الموروثة. وقل فيهن من كن يستطعن أن يكتبن كتابة بسيطة، أو ينظمن ولو نظماً سخيفاً.

وأصبحت إيطاليا في القرن السادس عشر مصدر الآداب والفنون الأدبية؛ وسرى الفرنسيس على مثال الطليان، بأن جعلوا المرأة موضع إعجابهم، فأخذ بعض الكاتبين في فرنسا يضعون رسائل وكتباً في تاريخ المرأة، وكان أكثر ما وضع بإيعاز الملكات، فكان هذا القرن قرن رفعة المرأة، جسر فيه كستكليون في إيطاليا أن يقول. لولا النساء لتعذر كل شيء، ولولاهن لما كانت الشجاعة العسكرية ولا الفنون ولا الشعر ولا الموسيقى ولا الفلسفة بل ولا الدين، وما عرفنا المولى في الحقيقة إلا بهديهن.

وبدأ النساء يستعملن قرائحهن، فنشأ بينهن بعض القصصيات وواصفات الحكايات والشاعرات، وقل فيهن من كان لها قريحة يعتد لها. ولم يكن الماهرات منهن أكثر من هواة ينتفن وينتشن من الآداب. وأنشأت مدينة ليون لقربها من إيطاليا، وكانت تدعى (فلورنسة فرنسا) تتذوق الآداب والفنون، وظهرت فيها المطبعة قبل أن تؤسس في باريز، وجعل فرنسوا الأول من مدينة ليون مضم جيوشه خلال حرب إيطاليا فنشأت فيها حركة فكرية ندر وقوع مثلها في مدن الولايات، فكانت منازلها مواطن الظرف واللطف والنساء يصطنعن فيها كل ما يعجب به الرجال. ومنهن من كانت تجيب على ما يوجه إليها من كلمات المديح بأبيات من الشعر، وتجرأ على نقد ذوق الباريزيات، فأصبحن بذلك ملكات

<<  <  ج:
ص:  >  >>