للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الذوق والأناقة والجمال، وفتح كثير من نبيلاتهن قاعاتهن لإنشاء قصائد كان ناظموها يجوزون لأنفسهم تمجيد جسم الحبيبة والتغزل بكل ما فيه، فلقي الأشراف من الأزواج عنتاً من هذا التمجيد، ولطالما احمرت الوجوه بما يقال، وكان يومئذ للحياء سلطان على النفوس.

ففي القرن السادس عشر إذا أحرز النساء مقاماً محموداً في المجتمع بفضل الشعراء والنبلاء، وبقى عليهن أن يطالبن بحقهن في التعليم وحقهن في النبوغ. واشتد الجدال فيما إذا كان للمرأة الحق في التعليم لتكون عالمة. ومن النبلاء من قضى للأميرات والنبيلات بتلقف مبادئ العلم ليستطعن إدارة أرضهن ويحكمن رجالهن، ويدرن شؤونهن، واقتصر الأمر على هذه الطبقة فقط. وبذلك أرجعوا البنات الطامحات من سائر الطبقات إلى عمل المغازل، ونشأ من ذلك حوار طويل دعوه خصام الألف باء، والنساء مع هذا لم يداخلهن اليأس. ولم يقعدهن عن المضي في سبيلهن عائق. وما طلع القرن التاسع عشر حتى دخل النساء في طور العمل بالمطالبة بحقوقهن في التربية، ولم يكن لنساء الشعب معرفة بشيء: أما العقائل فكن يجلبن لبناتهن معلمين أو يبعثن بهن إلى الأديار، وكانت بعض الراهبات تعلم الناس منذ القرن السادس عشر مسائل بسيطة لا يستطيع بها المتعلمات تصحيح الاملاء، ولا حذق شيء من صرف اللغة ونحوها. وقام في ذهن بعضهم إن الواجب إدخال تعديل على هذه الحالة. وقال العالم مالبرانش، بعد أن درس دماغ الرجل ودماغ المرأة: إن الواجب تعليم النساء تعليماً صحيحاً. وارتأت مدام دي سيفينيه، فيما كتبت به إلى ابنتها من الرسائل أن تلقن أولادها قليلاً من العلم تلقيناً حسناً، وأن يلقن الفتيات الأدب خاصة.

وقل أن جسرت امرأة في القرن الذي نشأت فيه مدام دي سيفنيه ومدام دي لافاييت أن توقع كتابتها أو تأليفها، مخافة أن تستهدف للسخرية. وما كان حول لويز الرابع عشر الملك العظيم سوى كاتبات يصرفن أوقات فراغهن في الكتابة، وما اقتدرت واحدة أن تكتب رواية تمثيلية؛ وكان تأليف هذه الروايات وقفاً على الرجال. وعانى النساء فن الرسائل والشعر في قلة. ودعي هذا القرن قرن المجتمعات والمحادثات. ومن هذا القرن خلف الكاتبات رسائل تجلت فيها مواهبهن في الكتابة. ذلك لأن الرسائل غير محدودة الحدود ولا تربكها القواعد، ولا تستلزم أكثر من ذهن وقاد، وتفكر ذاتي، وإرادة في الإعجاب، وحاجة يأمن معها المراسل صاحبه، وهي صفات تفرد بها النساء. وما برز في هذا الباب أكثر من مدام

<<  <  ج:
ص:  >  >>