ويرتفع، حتى يكون في السماء التي تتفتح له أبوابها!؟. . .
ويصلح الملك من شأنه، ثم يتقدم بخطى وئيدة إلى فسطاط أخيل، ويدخله. . . ويرى زعيم الميرميدون في الصدر، وبين يديه وزيراه العظيمان أوتوميدون وألكيموس، ثم قادة الجند منتثرين ههنا وههنا. . . يهمسون ولا يكادون يبينون. . .
وكان السماط ما يزال أمام الزعيم، وزقاق الخمر ما تزال تقبل الكؤوس المغرمة، والشواء العظيم يملأ الخياشيم بقتاره. . . فلم يبال بريام. . . بل تقدم وتقدم. . . حتى كان أمام أخيل. . . فركع ذاهلاً عن نفسه، ولف ذراعيه حول ساقي الزعيم، وراح يوسعهما لثماً وتقبيلاً، ويمطرهما بأحر العبرات!. . .
وشده أخيل!. . .
بيد أنه كان يعلم من أمر هذه المفاجأة كل شيء، فلم يزد أن قال:(بريام!؟)
- (أجل يا بني أنا بريام!!. . .)
وبهت القادة مما رأوا، وأذهلهم ما سمعوا!. . .
أهذا حقا هو بريام ملك طروادة يبكي بين يدي أخيل وينتحب؟. . . إذن. . . فيم هذه الحرب؟. . . وختام ذاك الصراع؟. . . وإلام تذهب هذه المهج؟. . .
- (أجل يا بني. . . أنا هو. . . أنا الرجل المرزأ المحزون الذي قتلت أبناءه، وهرقت دماءهم لأنهم يحاربون من أجل وطنهم، ويذودون عن بلادهم. . . سعيت إليك. . . إليك يا أخيل العظيم، لأمطر هذه اليد التي ذبحتهم بدموعي، ولأوسعها لثماً وتقبيلاً؟!
أتمنى يا بني أن تعود قريباً إلى أبويك سالماً، فيهش أبوك للقائك، وتبش أمك لعناقك، ويفرح ذووك بك، لأنك عدت إليهم بالنصر والفخر. . . أستغفر الآلهة، بل عدت إليهم سالماً من نكبات الحرب وكوارثها. . . فهل أكون قاسياً أن أرجوك. . . حين تعود إلى ديارك وتلقى فيها أحباءك. . . أن تذكر أن أبوين آخرين قد خلفتهما وراءك يشقيان ويبكيان، ويلبسان السواد أبد الدهر، لأن أبناءهما لم يعودوا من ساحة الحرب كما عدت أنت، بل هم قد سقطوا فوق أديمها، مضرجين بدمائهم، شاكين إلى أربابهم ما حل فيها بهم، تاركين آباءً شيوخا فانين، وأمهات ضعيفات معولات، وقلوباً تتفجر أسى عليهم، وعيونا تختلط دموعها بدمائها من أجلهم، وأرامل يلطمن الخدود ويشققن الجيوب، ويتامى لا حول