حتى تؤدي كل الطقوس اللازمة لتحريق هكتور؛ واتفقا على أن تكون هذه الهدنة لمدة أحد عشر يوماً.
وفي الهزيع الأخير من الليل، أقبل هرمز الكريم فأيقظ بريام الملك، ونبهه إلى الخطر الذي يحيق به إذا أشرقت الشمس وأقبل أجاممنون وسائر القادة الهيلانيين ورأوا كبير أعدائهم، وصاحب إليوم، في معسكر أخيل. . . هنالك يحجزونه لديهم رهينة حتى تسلم مدينته. . . (فهلم أيها الملك وانج بنفسك، وسأقودك إلى طروادة بحيث لا يشعر بك أحد، ولا يحس الميرميدون لركبك رِكزاً. . .)
ويسير الركب في هدأة الفجر، ويحدو هرمز القافلة حتى تكون لدى البوابة الاسكائية الكبرى، فيسلم على الملك ويبارك الميت. . . ويعرج في السماء. . .
وتكون كاسندرا، ابنة بريام الكبرى، أول من يلمح الركب مقبلاً، فتبشر الأهالي المحزونين، ويرتفع اللغط، وتشتد الضوضاء، ويتكبكب المواطنون حول العربة تحمل الأران حتى ليتعذر السير، ويبطئ السعي، فيصيح الملك بالملأ، فتنفرج الطريق، ويعم الصمت، ولا يحس إلا وجيب القلوب وخفقانها.
وتقبل أندروماك فتذرى دموعها، وتندب حظها، وتبكي زوجها، وتمزق قلوب الطرواديين بما يبدو عليها من أسى وحزن ووجد وكمد. . .
وهيلين!! والعجيب أن تبكي هيلين هي الأخرى!! هيلين الآبقة. . . هيلين الأثيمة. . .!!
ويأمر الملك فينتشر الجند يجمعون الوقود من كل فج، حتى تكون كومة عالية؛ ويوضع الجثمان المبكي فوقها، وتصب الخمر تحية لآله الموت وتكرمة، وتشتعل النار فتكون ضراماً. . .