على أن الكفاح السياسي لبس أغرب صفحة في حياة كير هاردي، ولعل أغرب ما في هذه الحياة هو ما تميزت به حياة هذا المجاهد من بسالة ومقدرة على مغالبة الشقاء والفاقة، وما بذله من عزم وجلد. هنا تبدو حياة كير هاردي بديعة مؤثرة؛ ولعل أحدا من الناس لم يصف في هذه الحياة المؤثرة بقدر ما وصفها كير هاردي نفسه، فقد كتب كثيرا في متاعب هذه الحياة وشقائها. ومما يذكر أنه في صباه تأخر ذات يوم بعض الوقت عن عمله، فطرده صاحب العمل، وكان أبوه عاطلا وأخوه يعاني الحمى، ولم يكن لأسرته عائل غيره. وقد وصف لنا كير هاردي فيما بعد هذا المنظر المحزن فيما يأتي:
(لبثت مدى حين أتجول في الشوارع تحت وابل المطر المنهمل، خجلاً من أن أعود إلى بيت لا طعام فيه ولا وقود؛ وأسائل نفسي دهشا أليس أفضل شيء أن ألقي بنفسي في نهر (كلايد) وأنتهي من حياة كهذه ليس فيها ما يرغب؛ وأخيرا ذهبت إلى الدكان، وقابلت صاحبه وأوضحت له سبب تأخري، ولكني لم أظفر منه بطائل. ولم يدفع لي أجري؛ وإني لأرتجف الآن ويتفطر قلبي كلما ذكرت الحادث؛ ومازلت أرتد إليه وأرتد على أجنحة الخيال، وتصور أنه في نفس الليلة كان ثمة آلاف من التعساء يعانون مثل هذا العذاب؛ وهي فكرة لا يطيق الإنسان احتمالها).
ويصف لنا مستر هامستون فايف حياة كير هاردي المؤثرة في جميع أطوارها؛ وإنها لقصة مؤثرة مبكية من الكفاح في هذه الحياة الشاقة؛ ثم هي في نفس الوقت صورة رائعة من البسالة وقوة النفس، والصبر على المكاره، وعظمة البؤس التي تحمل على الاحترام والإكبار.
وكان كير هاردي صحفياً وكاتباً، وقد كتب كثيرا عن الاشتراكية وتحرير الطبقات العاملة، وتوفى في سنة ١٩١٥ دون الستين من عمره، بعد أن نفث في حزب العمال كثيراً من روحه القوى الوثاب.
وثائق هامة عن حياة زعيم مسلم
من أنباء موسكو أن بعض الباحثين في محفوظات الدولة قد عثروا أخيراً على طائفة من الوثائق والرسائل الهامة التي تلقى أقوى الضياء على سياسة القياصرة نحو مسلمي القوقاز في أواخر القرن الماضي، وعلى حياة شاميل الزعيم القوقازي المسلم الشهير، وعلى