نفسه وفي ذريته، ثم يأخذون حظهم لبطونهم، كما أخذوا حظهم لأرواحهم، وشملتهم السعادة وعمهم اللطف والهناءة.
لقد ودعنا ذاك الزمان بخيره وشره وحلوه ومره، واستقبلنا زماناً صار فيه الأبناء آباء، وأرادوا أن تكون لهم السلطة كآبائهم فأبى عليهم الزمان.
قالت الزوجة لزوجها: الناس أحرار، وأنا إنسان وأنت إنسان، فإن اعتززت أنت بالكسب اعتززت أنا بالإنفاق، وان اعتززت بالرجولة اعتززت بالأنوثة، وان اعتززت بأي شئ فأنا اعتز بمثله وبخير منه؛ فأنا وأنت شريكان، لا سيد وأمة، ولا مالك ومملوك؛ لي كل الحقوق التي لك، وقد يكون على بعض الواجبات التي عليك، فان سفرتَ سفرتُ، وإن غشيت دور الملاهي غشيتها؛ عليك أن تحصل المال وعلي الإنفاق ولك السلطان التام في اختصار طرق التحصيل، ولي الخيار التام في وجوه التبديد أنت للبيت والبيت لي. إن كان لك أم فقد شبعت سلطة في الماضي أيام كانت زوجة، فلا حق لها أن تنعم بسلطانها وسلطان غيرها، فليس لها الحق إلا أن تأكل، كما ليس لك في حبها؛ فالحب كله للزوجة، إنما لك أن ترحمها؛ والدين لا شأن لك فيه بتاتاً فهو علاقة بين العبد وربه، وكل إنسان حر أن يحدد هذه العلاقة كما يوحي إليه قلبه؛ فأن شئت أنت أن تتدين فتدين، على شرط ألا تقلب نظام البيت، وتقلق راحتي وراحة الخدم، بإعداد ماء ساخن في الشتاء وما إلى ذلك. ورأى الزوج أن الأحكام قاسيه، والشروط فادحة، وهام يبحث عن المتمدنات عمن يرضى به زوجاً على الشروط القديمة فأعياه البحث.
وأخيراً نزل على حكم القضاء، وأسلم نفسه لسلطان الزمان وقدم الطاعة للزوجة، بعد أن كانت هي تقدم الطاعة له؛ ولا يزال في دار الآثار في المحاكم الشرعية قضايا اسمها قضايا الطاعة، يحكم فيها للأزواج على الزوجات؛ حفظ شكلها، وبطل روحها؛ ولو كانت المحاكم محاكم عصرية لحكمت بالطاعة على الزوج لزوجته، وحكمت بالنفقة على الزوجة لزوجها.
وتم الزواج، وفرحت الزوجة بالظفر فغالت في المطالب، وابتدعت كل يوم مطلباً جديداً، وأرادت أن تنتقم لأمهاتها من آبائه في شخصه، فطالما أطَعْن، وطالما خضعن! فليطع هو دائماً وليخضع دائماً، جزاء وفاقاً على ما جنى أبوه وأجداده قالت أن رقصتَ رقصتُ، فذلك حقك وحقي؛ قال نعم. قالت بل أن لم ترقص رقصت لأنك أن أضعت حقك لم أضع حقي؛