وأن خاللتَ خاللتُ، فالجزاء من جنس العمل، بل أن لم تخالل ربما خاللت، لأن حياة الزوجية البحت قد يعتريها الركود والسأم والملل. فصرخ ولف الغضب وجهه، وحاول أن ينكل بها فتراجعت، وسحبت مطلبها الأخير ورأت الحكمة أن تتريث بعض الشيء حتى يبلغ ريقه من أثر الصدمة الأولى، ويستعد للصدمة الثانية، فان لم يسعفها الزمان أوصت بناتها بشروطها الجديدة.
قالت وسيكون من أول ما أوصي به ابنتي أن تتخذ قياس خطيبها، ثم يكون من أول جهازها أن تفصل له برذعة ولجاماً على قدره، فتضع البرذعة عليه وتركبه إذا شاءت، وتشكمه باللجام إذا حاول أن يتحرك يميناً أو شمالاً على غير رغبتها.
وشاء الله أن يرزقا بنين وبنات.
وقد رأوا أن الأم لا تجل الأب فلم يجلوه، ولم تعره كبير التفات فلم يعيروه؛ ورأوها تبذر في مال الأب فبذروا، ورأوها حرة التصرف فتحرروا، ورأوها تخرج من البيت من غير أذن الأب فخرجوا خروجها، وتعود متى شاءت ففعلوا فعلها، ورأوها لا تتدين فلم يتدينوا، ورأوها تطالب الأب ألا يفتح رسائلها فطالبوا، ورأوها تتكلم في المسائل الدقيقة أمام أبنائها وبناتها في صراحة فتفتحت شهواتهم، وتحركت رغباتهم، وغذتها تخيلاتهم.
وقال الأبناء لأبيهم: أنّا مخلوقون لزمان غير زمانك فاخضع لحكم الزمان؛ وقد نشأت في زمن حرية في الآراء، وحرية في الأعمال، وحرية في التصرف، لا كما نشأت في جو من الطاعة والقيد والأسر والتقاليد، فمحال أن يسع ثيابك الضيق أبداننا، وتقاليدك العتيقة البالية نفوسنا، فان حاولت ذلك فإنما تحول إدخال الثور في قارورة، أو لف القصر الكبير بمنديل صغير! قال نعم. قالوا وأنت الذي سمح لنا بادئ ذي بدء أن نغشى دور السينما والتمثيل، وأن نسمع الأغاني البلدية، ونشاهد المراقص الأوربية، فإذا أقررت المقدمة فلا تهرب من النتيجة. وأنت الذي عودنا ألا نضع للبيت (ميزانية) فأنت تعطي (ماهيتك) لأمنا تنفق من غير حساب، فإن انتهت في نصف الشهر طلبت منك أن تقترض فاقترضت، وأن تشتري ما لا حاجة لنا به فاشتريت، وأن تقدم الكمال على الضروري فأطعت؛ فليس لك أن تطالبنا بالاقتصاد في الجدول الصغير، والنهر الكبير ليس له ضابط. وخرق أن تحاول أن تضع ميزانية لمصلحة، وميزانية الدولة مبعثرة! قال نعم. قالوا وقد أضعت سيادتك على أمنا فلم