وقد تمنى أحد القراء من فلسطين أن يرزقه الله مثل هذه الزوجة المكروهة كراهة حب، ويضعه موضع صاحب المشكلة ليثبت أنه رجل يحكم الكره ويصرفه على ما يشاء ولا يرضى أن يحكمه الحب وأن كان هو الحب. وهذا رأي حصيف جيد فإن العاشق الذي يتلعَّب الحب به ويصده عن زوجته لا يكون رجلا صحيح الرجولة، بل هو أسخف الأمثلة في الأزواج، بل هو مجرم أخلاقي ينصب لزوجته من نفسه مثال العاهر الفاسق ليدفعها إلى الدعارة والفسق من حيث يدري أو لا يدري؛ بل هو غبي إذ لا يعرف أن انفراد زوجته وتراجعها إلى نفسها الحزينة ينشئ في نفسها الحنين إلى رجل آخر؛ بل هو مغفل إذ لا يدرك أن شريعة السن بالسن والعين بالعين، هي بنفسها عند المرأة شريعة الرجل بالرجل. . . . .
والمرأة التي تجد من زوجها الكراهية لا تعرفها أنها الكراهة إلا أول أول؛ ثم تنظر فإذا الكراهة هي احتقارها وإهانتها في أخص خصائصها النسوية، ثم تنظر فإذا هي إثارة كبريائها وتحديها، ثم تنظر فإذا هي دفع غريزتها أن تعمل على إثبات أنها جديرة بالحب، وأنها قادرة على النقمة والمجازاة، ثم تنظر فإذا برهان كل ذلك لا يجيء من عقل ولا منطق ولا فضيلة، وإنما يأتي من رجل. . . . رجل يحقق لها هي أن زوجها مغفل وأنها جديرة بالحب.
وكأن هذا المعنى هو الذي أشارت إليه الأديبة ف. ز. وإن كانت لم تبسطه؛ فقد قالت: وإن صاحب هذه المشكلة غبي، ولا يكون إلا رجلاً مريض النفس مريض الخلق، وما رأيت مثله رجلا أبعد من الرجل. . . ومثل هذا هو في نفسه مشكلة فكيف تُحل مشكلته؟ إنه من ناحية زوجته مغفل لا وصف له عندها إلا هذا؛ ومن جهة حبيبته خائن والخيانة أول أوصافه عندها.
وهذا الزوج يسمم الآن أخلاق زوجته ويفسد طباعها، وينشئ لها قصة في أولها غباوته وإثمه، وسيتركها تتم الرواية فلا يعلم إلا الله ما يكون آخرها. وبمثل هذا الرجل أصبح المتعلمات يعتقدون أن أكثر الشبان إن لم يكونوا جميعاً هم كاذبون في ادعاء الحب، فليس منهم إلا الغواية؛ أو هم محبون يكذب الأمل بهم على النساء، فليس منهم إلا الخيبة.
قالت: وخير ما تفعله صاحبة المشكلة أن تصنع ما صنعته أخرى لها مثل قصتها، فهذه