خمار، على أنهن بعد هذا القول خرجن بلا براقع، وأحياناً بدون دثار ولا شعار؛ والسعادة لم تحالف العاملات من هذا الطراز، فإنهن إذا أغلقن أبواب غرفهن وصرن إلى خلوة لا يسعهن العزاء بعلمهن العقلي، على حين يحاولن أن يجدن لأنفسهن عزاء، فيأتي الشيطان يعبث بأهوائهن، وقلَّ فيهن من تنسى الحب والغرام، فإذا اشتد إغواؤهن أصبح عسرهن إلى مياسرة، وتداعت كل قوة كن يعتصمن بها.
والواقع أن النساء بأسرهن عبيدات حواسهن وأعصابهن وقلوبهن، لا ينجع فيهن اعتراض إذا خالف قانون الطبيعة وأعني الحب. وكان الأديبات منهن إذا مجدن الحب بالمعنى الوجيز يجهلن حب الأمومة على ما تجلى ذلك في مكتوباتهن، ومع هذا تراهن يتكلفن فيما يكتبن ويتطلبن إلى حواسهن وقلوبهن أن تعطي اكثر مما لها، وما كتب لهن إلا أن يكن أدوات تحس وتهتز، وأن يجعلن من العالم مجموعة أحاسيس. وإذا فحصت الأدب النسوي المعاصر من حيث الإنشاء تسقط فيه على قرائح عظيمة وعلى نبوغ أيضاً، ولكن قل أن تقع فيه على شئ اسمه فن. ويقال إن النساء ما عدا اثنتين أو ثلاث منهن لا يحسن التفريق بين المواد التي تتطلبها الحياة، فمنهن من تجتهد اجتهاداً ينتجن به آثاراً طيبة، وكثيرات يرسلن أقلامهن على فيضها كما يشاء الهوى، لا يحفلن التنقيح ولا سلامة التراكيب. وفيهن من اتخذت الأدب للسياسة، ومنهن من عانين فلسفة الأخلاق، ومنهن من مارسن في التربية وظللن فيها متوسطات لم يأتين بإبداع، وفقد في أدبهن التجدد على حين رأينا الأدباء والكتاب بعد الحرب أحدثوا طرائق لهم جديدة خالفوا فيها طرائق الآداب قبل الحرب العامة.
لا جرم أنهن لم يكتب لهن التفوق على الرجال أن التدقيق يصعب عليهن، حتى أن القصصيات منهن لم يتوخين إلا وصف الحب في كل مظاهره، جعلنه موضوع قصصهن؛ وكذلك كان القصصيون، ولهؤلاء قدرة على معرفة المداخل والمخارج في أقاصيصهم، يتبعون العقل، ويحسنون تطبيق الأصول اللازمة، ولم يعهد لامرأة أن برزت، فكانت مؤلفة في الدرامة، وما جاء منهن مؤرخة. فالمرأة تحسن أن تضحك من مثيلاتها، ولكنها لا تحسن الإضحاك. أما الرجل فيحسن نقد نفسه، كما يحسن أن ينتقد غيره؛ والنساء يحاذرن كثيراً من المزاح الذي يأتي على الاعتبار والحرمة والحب. وهن مجموعة عواطف تحس