بالحاجة كل الإحساس وتخشى أن تقع فيها، حتى لتضن بالابتسامة صادرة عن امرأة لا تنافسها، وكذلك حالها في التاريخ، فقد نشأ في النساء مدونات مذكرات بكثرة، وقصصيات، ومنهن اليوم أستاذات في التاريخ وأستاذات في استخراج المكتوبات والمخطوطات، يستطعن بما ثقفن من معارف أن يعملن عملاً علمياً وما كان منهن إلى اليوم مؤرخة من عيار (أوغستين تيري)، ولا (ميشليه)، لأن اللازم للتبريز في هذا الشأن معلومات كثيرة ليس في مكنة النساء احرازها، بل الواجب أن يكون لها مع ذلك فكر نقاد عار عن كل هوى للتمييز بين الحقائق والظنون، وعقل مجرب لإدراك ألوف من الروابط تجمع الحوادث بعضها إلى بعض، ورأي أكيد قادر خال من التفصيل في العواطف، وقدرة على النظر إلى عصر واحد نظرة واحدة؛ ولهذا لم ينشأ من النساء امرأة عظيمة واحدة في باب النقد الأدبي والفني، ولا كان منهن فيلسوفة تلفت النظر. ومن النساء من كانت لهن مقدرة على الاستفادة من دروس أساتيذهن، ليس فيهن واحدة ابتدعت مذهباً، وما قام منهن واحدة استطاعت أن تنتج مثل (خطاب في التاريخ) ولا (الأفكار لباسكال) فهن قاصرات في جميع الفروع التي تستلزم من المؤلف التجرد المطلق من نفسيته، وما لمعت أعمالهن إلا في موضوعات لا فن فيها؛ وقلائل منهن من كتب لهن التفوق في الإنشاء والكتابة، إلا من قادهن الرجال في عملهن، فان (مدام دي لافاييت) أشرف عليها (سكري) و (لاروشفو كولد)، و (مدام دي ستال) سارت بسير أصحابها العديدين، و (جورج ساند) قادها عشاقها، (ومدام كوليت) راقب أعمالها (فنيلي).
فإذا لم تتح مواهب النساء الطموح لهن إلى منزلة في الأدب المجرد، فقد شهدنا في آثارهن أحياناً أنها خالية من الصنعة، فصح أن يقال أن ليس لهن قدرة على التفكير الصحيح، والتوسع اللازم لوضع الفكر المجرد والإنشاء الفني؛ ولذلك تساءل (بول فاليري) عما إذا كانت المرأة ستظل إلى الأبد ظاهرة التوسط في معاناة الأعمال الفكرية، ناقصة في معاني الإبداع والحرية، وعما إذا كان هذا الضعف الملازم هو ثمرة استعبادها زمناً طويلاً. قال: وأنا أود أن يكون الأمر كذلك، ففي الحالة الأولى تكون قد عبثت بها الأقدار الفسيولوجية، وفي الحالة الثانية يحكم عليها بأن انحطاطها ناتج من أخلاقها. قال ولا يخفى ما تؤثره الأخلاق التي تخلق البشر بها والقوانين التي ساروا عليها قروناً في مجموعة التركيب