وإذ ذاك تتحول الحرب إلى حرب إيطالية إنكليزية فقط. إذ أن فرنسا لا تستطيع مساعدة بريطانيا فوراً كما انه لا توجد دولة من أعضاء العصبة مستعدة لذلك. أمام هذا التحذير وأمام الصعوبات التي تجابهها حكومة لندن في هذه الأيام من أحزاب عمال مناجم الفحم، ومن الصعوبة التي تجدها في المؤتمر البحري المنعقد في لندن؛ ومن اضطرابات مصر. . . . أمام هذه العقبات خشي هور الحرب مع إيطاليا فوقع (المشروع). وبذلك تمكن لافال من تأجيل مسألة الحصر البترولي بصورة غير مباشرة إن لم يكن قد قتلها.
ولكن لماذا يبذل لافال هذه الجهود الجبارة في مساعدة موسوليني؟.
إن سياسة وزارة خارجية فرنسا كانت منذ حرب السبعين تعمل على توطيد العلاقات مع كبرى الدول الأوربية بعقد معاهدات معها. . . لتكون في مأمن من الخطر الجرماني. ولما وضعت الحرب أوزارها وأنشئت عصبة الأمم، رأت وزارة الخارجية الفرنسية أن تستغل هذه المؤسسة وتستعيض بها وبسياسة السلام المشترك عن سياسة المعاهدات. وقد بذل مسيو بريان في سبيل ذلك جهوداً جبارة. . . .
غير أن لافال حاد عن سياسة فرنسا الجديدة وعاد إلى سياسة ما قبل الحرب: سياسة المعاهدات. . . وحصر ألمانيا وتكوين جبهة قوية ضدها، فتمكن من إيجاد تحالف بين فرنسا وإيطاليا من جهة، وبين فرنسا والروسيا من جهة ثانية. . . .
وهو في سبيل المحافظة على صداقة إيطاليا والعمل معها ضد ألمانيا قد ضحى بمبدأ عصبة الأمم وسياسة السلام المشترك - ضحى بذلك برغم تصريحاته العديدة بأنه لا يزال يعمل ضمن سياسة جنيف ومن اجل المحافظة على صداقة إيطاليا يبذل لافال جهده في تثبيت مركز موسوليني الدولي - إذ هو يعتقد أن زوال حكم موسوليني في روما أو زوال نفوذه ربما يغير مجرى السياسة الإيطالية، فلا تستفيد فرنسا من المعاهدة التي عقدتها مع موسوليني، هذا إذا لم تتقرب إيطاليا من ألمانيا وتكونا جبهة قوية. . . خطرة على فرنسا. وفي سبيل ذلك قد وتر علائقه مع بريطانيا، إذ من المحال الاحتفاظ بمحالفة موسوليني وصداقة بريطانيا معا في الظروف الحالية.
فهل أصاب لافال بسياسته هذه؟ وهل مكن مركز فرنسا الدولي وأبعد عنها كل خطر جرماني؟