إن ألمانيا تتسلح الآن بكل ما لديها من قوة، وأنها ستضع قوتها يوماً ما في حيز العمل، غير أنها قد أخذت درساً كبيراً في الحرب العالمية، وهو أنها لا تستطيع قط محاربة العالم، وأن أي حرب تكون فيها فرنسا وبريطانية في صف واحد خطرة عليها. لهذا يبذل ساسة ألمانيا جهدهم في تفريق وحدة دول جنيف وإضعاف سياسة الأمن المشترك من جهة، وفي التقرب من بريطانيا وإبعادها عن فرنسا من جهة ثانية، وهم إن تمكنوا من ذلك اتسع المجال لعملهم وتنفيذ مناهجهم.
ومن الغريب أن نرى أن سياسة لافال الحالية، تعمل بصورة غير مباشرة على تطبيق المنهاج الألماني! وفي تطبيقه زوال مركز فرنسا الدولي، وهو رفيع، وإضعاف سلطانها.
وإننا نعتقد أنه لا أضمن لسلامة فرنسا واستمرار عظمة نفوذها الدولي من تقوية جنيف وتثبيت سياسة الأمن المشترك؛ وبتثبيت هذه السياسة وبالمحافظة على الصداقة البريطانية يزول عن فرنسا كل خطر جرماني.
ومن هنا نرى أن لافال قد أخطأ كثيراً في تضحية هذه القوى الجسيمة في سبيل المحافظة على موسوليني وكيانه، وأن مشروعه كان غلطة فادحة تجر على فرنسا ضرراً جسيماً لو نفذ، ناهيك بالأضرار الجسيمة الأخرى التي تنال السلم العام وحقوق الدول الصغرى.