الحرب إلى استيحاء آلهتهم؛ وينفرد كالخاس يرسل نظرة في النجوم، ويناجي سكان السماء، ثم يقبل على القادة وقد فرغت قلوبهم من الصبر، وتبلبلت أفكارهم من طول الانتظار. . . فيقول:(سهام هرقل!! لا بد من سهام هرقل!! لن يفتح عليكم طروادة إلا سهام هرقل. . .!!)
سهام هرقل؟؟ وما سهام هرقل هذه؟؟)
آه! لعلها هذه السهام التي غمسها هرقل في دم هيدرا فتسممت به، وادخرت من الموت ما يكفي لإبادة الطرواديين جميعاً. . .
ولكن أين هي هذه السهام اليوم! وأنى للهيلانيين أن يهتدوا إليها؟!
جلس القادة يفكرون. . .
وذهب العرافون يقلبون صحف الغيب. . .
وطفق مشايخ الجند يفتشون في زوايا أدمغتهم. . .
ثم ادّكر أوليسيز، بعد لأي، أن هذه السهام المنشودة قد تركت مع الجندي القديم فيلوكتتيس الذي غادره الجيش فوق جزيرة لمنوس، في طريقه إلى طروادة. . . فجر الحملة. . . منذ عشر سنوات!
ولقد كان فيلوكتتيس قد أصيب بجرح كبير في قدمه جعل أصحاب الحملة له من المحال، لما كان يلقى أوانئذ من الآلام المبرحة، وما كان يملأ به آذان الجند من الصراخ والأنين. . . فأضطر أوليسس إلى تركه في جزيرة لمنوس، حيث أوى الجندي المسكين إلى كهف منعزل عكف فيه على جرحه يعالجه. . . دون جدوى!
واتفق القادة على أن يذهب أوليسس مصطحباً معه بيروس ابن أخيل؛ (أونيوبتلموس كما كانوا يسمونه أحياناً) إلى جزيرة لمنوس ليريا هل الجندي الجريح ما زال يحيا هنالك، وقد بحثا عنه في أنحاء الجزيرة حتى عثرا به يئن في كهفه ويتوجع، ويشكو إلى غير سميع، فعرضا عليه أن يصحبهما إلى طروادة فأبى وجعله يشتد في الأباء تذكره هذا اليوم الأغبر الذي آثروا فيه تركه فوق تلك الجزيرة القاحلة لا أنيس ولا سمير، ولا لسان يرفه عنه وحشة الألم ووحشة المنفى الذي لا يدله فيه؛ وكبر عليه أن ينطلق مع هذا الجيش الذي جحده وغمطه حق الجهاد في سبيل الوطن، والذود عن شرف هيلاس واسمها المقدس. . .