للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أصيلة في هذه الشعوب الأوربية التي استطاعت بأساليب العنف والغدر والخديعة أن تفرض سيادتها على معظم الأمم الأفريقية والآسيوية، والتي تحرص كل الحرص على استغلال هذه الأمم واستصفاء ثرواتها لكي تزيد بها في قوتها وفي نعمائها ورخاء بنيها على حساب هذه الأمم المهيضة؛ وأوربا اليوم هي كما كانت بالأمس، وكما كانت منذ العصور الوسطى مهد التعصب الجنسي والديني؛ وليس من الضروري أن نعود إلى أيام الحروب الصليبية لكي نصور أوربا المتعصبة على حقيقتها، وإنما يكفي أن نذكر أن الاستعمار العسكري والسياسي الذي تفرضه أوربا على الشعوب الشرقية باسم المدنية والتهذيب والتفوق الجنسي والثقافي والاجتماعي، تؤيده في نفس الوقت حملات البعثات التبشيرية، وتمهد له بالعمل على تقويض العقائد الدينية الشرقية؛ فإذا كنا نسمع في أوربا اليوم صيحة الخطر الأصفر لمناسبة التقدم الياباني في الصين؛ وصيحة البيض والسود لمناسبة انهيار مشروع إيطاليا الاستعماري في الحبشة، فإنما ذلك يتفق تمام الاتفاق مع ماضي أوربا وتقاليدها في الاضطرام بنزعات التعصب الجنسي والديني وخصوصاً كلما خشيت على صرحها الاستعماري من الانهيار.

(* * *)

<<  <  ج:
ص:  >  >>