للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر في معظم البلاد الممدنة ولاسيما في فرنسا، راجت دعاية المفرطين ثم دعاية الرجال والنساء في هذه الحرب الحديثة، فكان من تلك الدعاية إخراج المرأة عن طورها وحملها على أن تتناسى أو تستنكر عملها، فصبغت المرأة بصبغة بشعة من محاكاة الرجل ليكون منها شريكة مبغضة له أحياناً، ومنافسة وخصيمة يخشى بأسها. ومن العدل ألا نغفل عن التصريح بأن أسباب حياة المرأة بعد الحرب الكبرى قد تبدلت تبدلاً خاصاً فيه كثير من القسوة، لأن أجور كثير من الرجال لم تعد كافية لإعاشة البيوت فاضطرت المرأة بكسل الرجل أن تدخل أحياناً لتعمل في البيوت التجارية والمعامل والمصانع لتكتسب ما تستلزمه حاجتها أو حاجة ذويها، مما لم تحتج إليه فيما سبق من الأيام، اللهم إلا إذا كان زوجها مصاباً بعلة طال أمرها، أو بعاهة في جسمه تمنعه العمل؛ وعلى ذلك كثر عدد العزبات المتجردات، والمعوزات والأيامى المطلقات، ممن لا معرفة لهن بصناعة؛ وكثيراً ما يكون لهن أولاد يضطررن لإعالتهن. وإذا لم ترغب فيهن النفوس أو كن بشعات ممسوخات يعشن خليلات للرجال أو يتدهورن في العهر السافل. ولطالما كان من الفتيات من جمعن شيئاً من المال، وانتظرن السنين خاطباً أو راغباً! ومن هذه الطبقة أيضاً عوانس خرجن عن طبائعهن، وحاولن أن يعشن عيشة جديدة، ويخرجن من افقهن الضيق فاستلزم ذلك اختلاطهن بكثيرات من بنات جنسهن وغير أبناء جنسهن، فتيسر لهن إيجاد علائق كان من أثرها زواجهن؛ وشق على كثيرات منهن لما أخفقن في الحصول على عروس لهن أن يبقين بلا حب، فاخترن خليلهن بحسب أذواقهن، وكل أولئك كان يحسن ويحب لو وقف الأمر عنده، ولكن هناك نساء سطا عليهن الكبر والحقد، فاحتقرن الرجل والزواج والولد، وهن قادرات على أن يكن طاهيات ووصيفات وساعورات ودلاكات ومنظفات أيد ومنظفات أرجل وحاسبات وخزانات وكاتبات ومدرسات وبائعات وسمسارات بل وقصصيات ومحاميات وطبيبات، ويتوهمن أنهن أسمى من الرجل أو على الأقل مساويات له، ويحاولن أن يقمن مقامه في معاناة سامي الأعمال مما لسن له خليقات

بهذه الصفحة وصف المؤلف ما تحاول المرأة بلوغه في بلاده، أو تنزعه من قيودها الطبيعية لتتلبس طبائع غير جنسها. وقد قال في وظيفة الحيض: ما برح دعاة تحرير

<<  <  ج:
ص:  >  >>