المرأة منادين صاخبين أن المرأة مساوية للرجل، وما كان تشريح الجنسين ونفسيتهما وطبيعتهما متشابهة قط؛ وإذا كان الحال كما يدعون، فلماذا نرى البقرة غير الثور، والنعجة غير الخروف، واللبوة غير الأسد؟ ولماذا يتناسى دعاة هذا التحرير العمل العظيم الذي يؤثر في طبيعة المرأة وعقليتها وما كتب عليها من الحيض فيخرجها إلى طور غريب، وتفعل أيام الحيض في خلقها، وبعض الصحيحات منهن أو المريضات تعاودهن العادة مرتين في الشهر، فيدفق الدم منهن في الشهر الواحد مرتين، وينقطع مرتين، فيتأثر المجموع العصبي فيهن من هذه الموجات الدموية. وأسهب في شرح هذه الحال على ما يجوزه لسان الطب، ولا يجوز نقله لسان الأدب الحديث في صحيفة سيارة، مستشهداً بآراء أعاظم الحكماء والأطباء؛ ونقل عبارة أحدهم من أن المرأة لا تشعر بالحرارة ولا بالبرودة، والدليل أنها تتدثر بالفرو في الصيف؛ وإذا قيل إن ذلك من جملة الأزياء الحديثة، فأنّا نشهدها تتعرى في الشتاء إلى خاصرتيها، دون أن تحس بما يضرها؛ فالمرأة ما بردت قط، وإن أظهرت أنها صردة تتأثر من البرد، وأنها تضع الفرو عليها فذلك لأن هذه الحركة هي من الحركات الجميلة فيها. وعرض لغرامهن بالأزياء من كشف الأيدي والأرجل والسوق والصدور والظهور على ما تأباه قواعد الحشمة قال: ولو عقلن لسترنها، لأن في سترها مصلحة لهن على خلاف ما يعتقدن، وبذلك إغواء الشباب إلى ما يحمل ذلك من الموبقات المخجلة
إن إعطاء الحقوق السياسية لم ينتج منه الإصلاح المدهش في شمال أوربا وفي أمريكا وأوستراليا، حيث أخذن يتمتعن بحقوق الناخب والمنتخب؛ ففي الدانمرك لم يأت النساء بشيء أحسن مما كان للبلاد يوم كان نساؤها يسلمن للرجال الأعمال، ولم يُقض على الغول (أو الكحول) في بلاد السويد والنرويج وفنلندا وأوستراليا والولايات المتحدة؛ أما الفحش فكثير جداً في هاتيك الممالك، وهو مشوب برياء وتصنع
خرج المتعلمات في الجامعات الأمريكية من البيوت الفقيرة؛ وأظهر الفتيات في فرنسا وغيرها اجتهاداً في طلب العلم؛ وقد يتعلمن بدَعة وسرعة كل ما يتطلب إجهاد الذاكرة؛ وقد يبرزن في المسابقات، ولسن كذلك عندما يخرجن إلى الحياة، عندما يضطررن إلى القيام بمسألة تحتاج إلى تفكير وشخصية وحكم؛ وقل فيهن من ينجحن في المحاماة والطب، وقل