لفكتور هوجو
ترجمة السيد فؤاد نور الدين
وا حسرتاه! ما أكثر ما رأيت من غادات هصرتهن يد المنون!
هذه سنة القدر! الفريسة ينتظرها الهلاك،
والعشب تنتظره المناجل المشحوذة القاطعة،
والزهور توطأ تحت أقدام الراقصين الناعمين في الحفلات،
والماء ينفد من وديانه، والبرق لا يومض إلا قليلاً،
وأبريل الحسود يحرق بصقيعه أشجار التفاح المزهوة ذات الأزاهير الفواحة، التي تتساقط كأنها ثلج الربيع.
نعم، هذه سنة الحياة. يعقب الليل الشاحب النهار الضاحك. وتعقب اليقظة كل شئ، إما في النعيم وإما في الجحيم.
ويلتف المدعوون الجشعون حول المائدة الكبيرة،
إلا أن كثيراً منهم يهجرونها قبل نهاية الطعام
- ٢ -
ما أكثر ما رأيت من غادات يمُتن! إحداهن وردية اللون بيضاء البشرة؛ وأخرى كأنها لم تنصت إلا للألحان السماوية؛ وأخرى ناحلة قد أسندت جبينها المحنّى على ذراعها؛ ثم فارقتها الروح كما يفارق العصفور غصن الدّوح وفنن الروض
إحداهن شاحبة ضالة، استولى عليها الهذيان فما تنطق إلا اسماً لا يدّ كره أحد، وثانية تفنى كما يفنى النشيد على الأوتار، وثالثة كانت تحتفظ بابتسامة الملاك الجميل الرحيم، لما لفظت نفسها الأخير
فما أشبههن جميعاً بالزهور المرتجفة التي أعجلها القدر إلى الموت!
وبالطيور الحائمة التي غمرتها الأمواه مع أعشاشها الطافية!
وبالحمائم الوديعة اللطيفة التي وهبها الله العالم!