نعم! ان مسعاي قد أصابه اثناء الحرب بعض الإخفاق، ومزرعتي قد امتدت إليها يد الإملاق، وذلك لتلبية الشبان داعي الدفاع عن الوطن، وكان يجدر بي أنا أيضا الذهاب حيثما ذهبوا والتوجه أينما توجهوا، ولكن الأرض لم تدعني أذهب، ولم تتركني أجيب. ففضلت البقاء بين الأطفال والنساء أسعى لسد عوزهم وقضاء حاجتهم.
وأنا يا أخي ما كتبت اليك هذه الرسالة الا لتعرف ان السعادة قد توجد في الأماكن التي لا تخطر على البال، والمواضع التي ليست بذات جمال، ولتعلم انها لا تتوافر بالشهرة ولا الثروة ولا بالسفاهة والعزلة، وإنما تتوفر بالعمل المنتج في الارياف، والسعي المتواصل في المزارع.
فانك إذا كنت لا تزال في ذلك المكان المظلم الضيق الذي تركتك فيه، فاسمح لي أن أقول ان كل جهد تبذله فيما لا يثمر ضلالة عمياء تبعث القلق والندم، وكل سعي تقدمه فيما لا ينتج جهالة صماء توجب الخيبة والخذلان.