المزخرفة البديعة وسقوفها الملونة الجميلة؟ فيجدر بالرسام اما ان يكون فناناً كأنجلو، واما ان يترك الرسم لأهله).
وكانت الحياة تمتد أمامنا وتنبسط، ونحن نسير يمنة ويسرة كالتائه في البادية القفراء التي لا حد لها ولا نهاية.
فكنا في وطننا وبلدنا، وبين أخداننا وخلاننا، مهذارين لا عمل لنا ولا شغل، نطوف الشوارع حيارى، ونجول في الأزقة كسالى. وكنت كلما استيقظ من النوم افتح عيني وأنا في سريري وأقول:(يا إلاهي! كيف أقضي هذا اليوم أيضاً؟!) وأئنُّ أنيناً شجيَّا كأن بين جنبي داء مبرحاً وفي أحشائي ناراً ملتهبة، وهكذا كنت أضيق بالحياة ذرعاً، واسخط على العالم كرهاً، وبينا أفكر ذات صباح في عثار جدي، إذ خطر ببالي خاطر لم أفكر فيه من قبل: ذلك هو خاطر الذهاب إلى مزرعة أبي، لعل الهم يسري عني قليلاً، والغم يهجرني ملياً.
فكنت تضحك مني يا أخي، وأنا أفارق الأستانة ضحكا مشوبا بالألم، وممزوجا بالحنان وتقول:(الحياة الريفية في الأناضول؟. . . ان ذلك لبعيد عنك؛ وسوف نرى!!)
ها قد مضت ستة أعوام: أنا هنا! ولا أكذبك إنني تألَّمت في أوائل قدومي، فساورني الهم والشجن واستولى عليَّ الغم والحزن؛ ولكني باعدت عن نفسي تلك الهموم، وشمرت عن ساعد الجد وأخذت أسعى وأتعب، بعد ان سئمت الحياة المدنية المتكلفة، وضجرت من العيشة البلدية المتصنعة فملت إلى الأرض أفلحها، وإلى الحيوانات أخدمها، وإلى الزروع أتعهدها. ولم تمضِ سنة واحدة على مجيئي حتى حوَّلت ذلك البناء الصغير إلى قصر كبير، وتلك البحيرة الكدرة الآسنة التي كانت للجواميس مقيلاً، وللخيول مشربا، إلى بحيرة صافية الماء، طيبة الرائحة. وكان يخترق المزرعة جدول أجرد ليس على ضفتيه نبات ولا شجر فأصلحت مجراه وغرست على جانبيه أشجار الصنوبر، فغدا اليوم روضة ذات منظر يملأ العين، ويبهج القلب. وان تلك الأراضي الواسعة الجرداء، والبراري الشاسعة القفراء، قد استرجعت حيويتها بفضل السماد والعناء، فأخذت تدر علينا الحب الكثير، والرزق الوفير.
واما أنا يا أخي! فرئيس (أغا) قرية، تراني وأنا أجول في الأراضي، وأطوف في البراري ممتطياً صهوة جوادي، قابضا على سوطي، محمر الخدين، مخشوشن اليدين، قد أكسبني