للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشمس عرضة لكل مستهزئ وضحكة كل ساخر لعّاب!

وزاد الناس استهزاء بالقديس لاوكون، حين رأوا إليه تفترسه حيتان عظيمتان على سِيف الهلسبنت إذ هو يقدم قربانه لربه لنبتيون فنقنلانه وولديه، عقب تحذير الطرواديين ألا يقربوا الحصان المشؤوم وألا يدخلوه مدينتهم!!

وتعاون الطرواديون جميعاً فجروا الحصان الهولة، وهدموا بأيديهم جزءاً كبيراً من سور إليوم المنيع لتتسع البوابة للتمثال الهائل فكانوا كالتي نقضت غزلها أنكاثاً!!. . .

وكان الأسطول قد اختبأ في ظلال الأيك النامي فوق جزيرة تندوس، فلما كان النصف الثاني من تلك الليلة الخرافية الحالكة، وكانت طروادة كلها قد استسلمت للنوم العميق الذي يسبق القضاء الصارم عادة في مثل هذه الأحوال، هب سينون الخبيث ففتح الباب السري الذي لا يعرف إلا هو مكانه من الحصان، وخرج الأبطال فقتلوا الحراس النائمين لدى الأبواب، وأشعلوا النيران فرآها الجنود الذين عاد بهم الأسطول في دجى الليل، فانطلقوا سراعاً إلى إليوم الخالدة. . . المستسلمة. . . فدخلوها. . . وأعملوا السيف، وشرعوا الرماح، واستباحوا المدينة، وهتكوا الأعراض النقية، وأحلوا حرمة الهياكل، وأضرموا النيران في القصور، وأتلفوا الحدائق الفينانة، وهشموا تماثيل الآلهة في الميادين العامة، وقتلوا الصبية والأطفال، وجعلوا المدينة أطلالاً في أطلال!!

وهكذا!! وفي سكرة الليل، وهدأة الظلام، تم للهيلانيين الاستيلاء على تلك المدينة العتيدة وهبت من تحت الثرى عشرة أعوام طوال مضرجة بالدم، ملطخة بالإثم، حافلة بالذكريات، غارقة في الدموع. . . تشهد إلى الفتح المجرم، وترى إلى المأساة الظالمة في آخر فصولها!!

وكان إيناس اليافع ابن فينوس الهلوك من أنخيسيز، فتى طروادة وأميرها الجميل ذا القسمات، يغط في نومه العميق، ملء سريره الذهبي الوثير. . . مطمئناً آمناً. . . لا يدور بخلده أن تحل تلك الكارثة بإليوم هذه الغفوة من الفجر. . .

وكان إيناس محبباً إلى الآلهة. . . ولم يكن قد جاء أجله بعد. . . فسخرت إليه ربات الأقدار طيف هكتور يزوره في نومه، ويريه حلماً مفزعاً. . . وينذره. . . (أن هب إيناس فقد سقطت طروادة، وانج بنفسك وبأهلك فالأسطول ينتظرك، واستنقذ التحف المقدسة

<<  <  ج:
ص:  >  >>