للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقيً لا نَفَس فيه! وجثة هامدة لا تحمل اسمها بعد. . . ورأساً معفراً. . . . . . من غير جسد!!

وزاغ بصر إيناس حين شهد هذا المنظر الرهيب، ووقر في نفسه أن مثل هذه النهاية المحزنة قد تحل بأبيه الشيخ، أنخيسيز؛ وبزوجته الهيفاء كروزا، وبطفله المعبود أيولوس. . . فلم يبال أن يقتحم صفوف الأعداء إلى قصره الذي خلا غابه اليوم من أسْده، وبُدل الشوك من ورده، وعاث فيه جنود الهيلانيين فأصبح قاعاً صفصفاً. . . كأن لم يشدُ في دوحه بلبل. . . ولم يحن في فؤاد إلى فؤاد!

وهناك. . . في إحدى الردهات المنعزلة. . . وجد هيلين!! نعم، هيلين! سبب هذه الكوارث المتلاحقة التي حلت بطروادة والطرواديين. . . هيلين التي لم تبال أن تتزوج ديفبوس - أخا باريس - عقب مقتل حبيبها بأيام معدودة!!

وجدها هنالك. . . تنقدح المصائب شرراً من عينيها، وتتدجى غواشي الكروب فوق هامتها، وتنعقد ظلمات الكوارث على جبينها المغضن الكريه. . . . . . الجميل!!

وهم إيناس أن يفتك بها، لما ذكر من الأرزاء التي حاقت بطروادة من جرائها. . . لولا أن بدت له أمه. . . فينوس!. . . فأنذرته ألا يفعل. . . ثم كشفت له حجاب الغيب المحرم على أعين البشر، فرأى إلى الآلهة أنفسهم يعملون بأيديهم في تخريب طروادة، وتدمير الطرواديين، وعلى رأسهم شيخ الأولمب وسيده. . . زيوس. . . كبير الأرباب!!

(. . . فانج بنفسك يا بني. . . ولذ بالبحر. . . ولتنزح عن هذه الديار. . .)

وانطلق إلى أبيه فنصح له أن يهرب معه. . . ولكن أباه استكبر وأبى. . . بحجة أنه ينتظر نبوءة من السماء توحي إليه بما توحي. . . فغيظ إيناس وأغلط لوالده القول؛ ثم أمره أن يقبض بيديه اللاريتس والبينيتس، وأن يركب كاهلي ابنه وإلا قتلوا في الحال!

فلم يسع أنخيسيز إلا أن يطيع. . . فسار ابنه يحمله، وسار ولده الصغير أيولوس بجانبه، وتبعتهم زوجه الجميلة كروزا. . .

وكان قد أتفق مع أتباعه، قبل أن يقصد إلى قصر الملك، أن ينتظروه في هيكل خرب قريب من مياه الهلسبنت. . . فلما أقبل نحوهم يحمل أباه اتفقوا على أن يبحروا في الحال. . . ولكنه. . . وا أسفاه! افتقد زوجه فلم يجدها. . . زوجه كروزا التي كانت الساعة فقط

<<  <  ج:
ص:  >  >>