خبط عشواء، كلومهم آكل الرطبة بدون دفع ثمنها، واسترضائهم أ
ذمياً بدفع ثمن خنزير له قتلوه، وقتلهم عبد الله بن خباب وزوجه وبعض النساء - علقنا على ذلك فقلنا إن هذا ليس من التناقض في شئ، وإنما هو أقرب إلى أن يكون غلواً في تطبيق مذهبهم، وحجتنا في هذا أن الخوارج يرون وجوب قتل المسلم الذي لا يدين برأيهم لأنهم يعتبرونه مرتداً؛ وحروبهم المتعددة مع علي بن أبي طالب ومع الأمويين، بل وأشعارهم وأراجيزهم تنطق بذلك. أما الذمي فلا سلطان لمذهبهم عليه، كما إنهم كانوا لا يستحلون أكل المغصوب أياً كان صاحبه، ولو أنهم يستحلون قتل النفس التي حرّم الله قتلها. فمن أين يأتي التناقض يا ترى؟ حبذا لو أرشدنا الناقد إلى وجه آخر في هذه المسألة خلاف ما ذهبنا إليه! فليس إلقاء الكلام على عواهنه مما تُخدم به (المادة الناشئة في معاهدنا العلمية أو يحفظ لمصر سمعتها في الأقطار الشرقية!)
لا يقل خطأ الناقد في هذا عن خطئه في دعواه، بأننا مع استشهادنا ومباهاتنا بتلمذتنا لبعض المستشرقين ننسى ما ننقله عنهم أحياناً وننسبه لنفسنا، وأننا جرينا على ذلك في الفصل الذي عقدناه لمكتبة الإسكندرية، ويكفي في الرد على هذه الدعوى الجريئة أن يرجع القارئ إلى كتابنا عمرو بن العاص فيجد أننا ذكرنا هناك رأي (بطلر) مفصِلاً في إحراق هذه المكتبة، وعلّقنا عليه بما يستحق من تقدير. فإذا أحلنا القارئ إلى كتابنا المذكور، فذلك لأنه يعتبر خاصاً بهذه المواضيع مدوناً فيه آراء بعض العلماء منسوبة إليهم عن هذه الحادثة العظيمة الشأن
ولقد كنا نربأ ببعض الأقلام أن تنزلق عن منهج النقد الخالص إلى إلقاء التهم والظنون بين الناس وغرس ما لا يستحسن غرسه بين التلميذ وأستاذه أو بين المؤرخ والمؤرخ. وحاشا لله أن ندعي ما ليس لنا أو أن نجهل فضل من جلسنا أمامه مجلس التلميذ، فإذا رغبت بعض الأقلام في أن تتهمنا بالتدليس مع بعض الأساتذة المستشرقين، أو بالعقوق مع أستاذنا المرحوم الشيخ محمد الخضري بك الذي نقدره ونجله، فإنما تحاول عبثاً هذه الأقلام وتمكن من نفسها وتدل على مصرعها. إن المتصلين بنا يعرفون أن ليس من خلقنا إنكار الجميل. ونحمد الله أنه في الوقت الذي كان الناقد يفكر في هذه الوقيعة بيننا وبين أستاذنا المرحوم الشيخ محمد الخضري بك كان أحد أفراد أسرته يتكرم بزيارتنا ويعرض علينا أن نشرف