للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على نشر ما خلفه المرحوم من الكتب التي لم تنشر في حياته. ويا للعجب إذا كانت الجرأة والضمير يطوحان ببعض الناس إلى إثارة الضغينة بين الحي والميت، فكم تبلغ عفتها في أن توقع بين الحي والحي!! ألا فليرح الناقد باله من هذه الناحية فلن يجد غرسه أرضاً خصبة ولا يشفي به غيظاً

كيف يمكن أن يوفق القارئ بين قول الناقد إن هذا الكتاب عرض لنواح شتى من الحياة الإسلامية القديمة: عرض لنواحي الدين، والسياسة، والاجتماع، والعقل، والأدب، وبين قوله - عفا الله عنه - (إن المؤلف غير موفور الثقافة الإسلامية وقد أداه تفريطه في جانب الثقافة الإسلامية إلى الإفراط في الأخذ عن المصادر الأجنبية)، ومن يدري؟ فلعل هذا تقريظ قلعت عيناه فأبصر

جرت العادة أن يسمى الكتاب بأبرز نواحي موضوعاته، اللبيب يدرك بداهة أن فتح عمرو بن العاص مصر مما ينطبق عليه انطباقاً كلياً لفظ السياسة ومعنى السياسة، ويدرك كذلك أنه كان لعقائد الفرق الإسلامية ومذاهبها المكان الأول في إحلال دول مكان دول، وتقويض عروش وتدعيم عروش. فهذه الدولة العباسية استطالت أعاليها بسبب انتشار العقائد الشيعية وتغلبها؛ وتلك دولة الفاطميين خلقتها المذاهب الدينية أيضاً. ودع عنك القرامطة، والباطنية، والخوارج وغيرهم؛ فتلك أمور يطول شرحها. فأنت ترى مبلغ تأثير تلك العقائد في الاتجاهات السياسية ركوداً وهبوباً، وماذا تكون السياسة إذا لم تكن هي خلق منشآت جديدة، وتنظيم أمور الناس وفق مشارب ملوكها وأمرائها، وطبع المجتمع على غرار ما يراه الحاكمون سواء بسواء؟ لكن ناقدنا يأتي مع هذا معنفاً بأن عنوان الكتاب قاصر لا يجمع مثل هذه البحوث، فما كانت تصح نسبتها إليه ولا وضعها فيه، ويتعطف فيرشدنا إلى أنه ينبغي - إذا لم تكن مندوحة عن ذكر هذه الأبحاث - أن نصوغ عنوان كتابنا بما يدل على الشمول، ويزداد تعطفاً فيذكرنا بكتاب (موجز تاريخ العرب) للسيد أمير علي الهندي الذي نعرفه حق المعرفة! ولقد كان بودنا أن نتبع نصحه - ولو مرة واحدة - تشجيعاً للنقد، وثقة بنية صاحبه، لولا أنه سها عن أننا بسبيل وضع جملة أجزاء لكل جزء عصر خاص به. فإذا اقتدينا بمن ذكره لحق علينا قوله ليس لدينا غرض واحد محدود نرمي إليه ونسير على هديه، ولعله تذكر أخيراً أن هناك خمسة أجزاء باقية ستصدر بعد هذا الجزء - إن شاء الله

<<  <  ج:
ص:  >  >>