- فلم يشأ إلا أن يزودنا - كعادته - بنصحه، وبأن نكون في وضعها أشد تحفظاً وأكثر تثبتاً
على أننا نضحك أشد الضحك حيث يرشدنا الناقد إلى الاقتداء يوضع السيد أمير علي لاسم كتابه (موجز تاريخ العرب) ذلك الكتاب الذي وصف مؤلفه بأنه (متوسط المكانة التاريخية) كما وصف أيضاً المؤرخ المشهور السير وليام ميور الذي خلف لنا كتابه في سيرة النبي وكتابه الآخر في الخلافة بأنهما قديمان. ونحب - قبل أن نترك هذه النقطة - أن نهمس في إذن الناقد بأن المؤلف الأول السيد أمير علي، الذي لم يرق في نظره أن أخذنا عنه بعض ما أخذنا، يقول عنه الأستاذ أدوارد براون في كتابه تاريخ الفرس الأدبي , , ٤ ١٨٨) في سياق كلامه على مبدأ ظهور الإسلام ما نصه:
(هذه المسائل قد ناقشها في مؤلفاتهم بكفاءة ولباقة كل من سيل، وسبرنجر، وميور، وكرهل، ونلدكه، وبوزول سميث، والسيد أمير علي
والسيد أمير علي هو ذلك المسلم العصري الواسع الفكر والاطلاع، جمع بين الثقافتين الشرقية والغربية، وهو حقيق بأن يطلع على كتابه كل من يرغب في تفهم ذلك النفوذ القوي الذي لا يزال يتمتع به الإسلام ونبيه، حتى في نفوس هؤلاء الذين أشربوا روح الثقافة الأوربية)
ونعود إلى بعض ما أورده حضرة الناقد - أستغفر الله! بل إلى الإرشاد ما نقده - ليعدل في المستقبل عن تكلف ما لا يحسن - على رأيه فينا - وليستوعب ما يقرأ ويصرف نشاطه في مدارستها، فما يكون الإنسان كاتباً إلا بعد أن يكون قارئاً، وإنها لكبيرة أن يعمد واحد إلى كيل التهم والتشكيك غير مراع للتاريخ حرمته، ولا للقارئ عقليته، ولا للحق كلمته
يقول:(إن تشريع القبلة وحكمته يظفران في كتابنا بثلاث صفحات، في حين أن غزوة بدر التي تعتبر بحق أهم وقائع الإسلام، ومن وقائع التاريخ الفاصلة لا تكاد تظفر بصفحة واحدة؛ وأم البنين زوجة الوليد بن عبد الملك تخص بصفحتين، في حين أن الأحداث الجسام التي وقعت زمن الخليفة يزيد ابن الوليد بن عبد الملك تركز وتضغط في أسطر قلائل)
وبحسبنا أن يرجع القارئ إلى كتابنا ليرى كيف تفتل بعض الأقلام من الهواء حبالاً،