ولكم تألمت إذ ألفيت أهل القاهرة لا يلبسون الثياب الشرقية المزركشة، ويستبدلون بالقفطان والعمامة شعار الإسلام - الأزياء الأوربية، كما راعني في البيوت المصرية التي زرتها خلوها من الأثاث الشرقي، وأن أجد الشباب المصري يوجه عناية خاصة للإلمام بأنواع الثقافات الأوربية المتعددة، ويفرطون في جانب لغتهم وقوميتهم ودينهم!!
ولقد قال أحد أصدقائي المصريين في معرض حديث له معي:(يستحيل علينا أن نعود إلى تلك الأثواب الطويلة المهلهلة عندما نبغي الصعود إلى المركبات أو عربات الترام).
ولكني رأيت كثيراً من الناس يرتدون تلك الأثواب وما كان أجملهم في نظري وهم يتسلقون الترام أو السيارة بكل خفة ورشاقة والواقع أن تلك الملابس أفضل بكثير من الأثواب الأوربية الضيقة، ولا سيما القبعات التي نضطر إلى أن نحملها بين أيدينا عندما نجلس أو نزور أو نحيي أحداً
ومن رأيي أن الحصول على الأثاث الشرقي واللباس العربي والتطبع بالعادات الشرقية أمور يسهل اتباعها في القرن العشرين من غير أن يفقد المصريون خصائصهم ومميزاتهم، أضف إلى ذلك أن إحياء الصناعات القومية وإنعاش حال الأسواق الشرقية متوقف على إقبال المصريون على عاداتهم الأصيلة، أما التقليد الأعمى والاتجاه شطر أوربا وترك الثقافة والتراث القومي جانبا فصفات يجب التخلي عنها. وليت الأمر وقف عند الحد الذي شرحته، بل أن آمالي انهارت دفعة واحدة بمجرد أن زرت الأزهر وتفقدت الأروقة التي كثيراً ما قرأت عنها في شبابي وتخيلتها في أحلامي،. . . فمقاعد التدريس لا تزال كما كانت منذ ألف سنة، وبرامج التعليم ناقصة وغير مستوفاة لشروط الثقافة الحق؛ ولم أر في الأزهر سوى خلية للحكمة وبث التعاليم الإسلامية وقشور من العلوم الحديثة؛ أما المعاهد الدينية فهي نماذج مصغرة لجامعاتنا إذ أن هذا النوع من التعليم يقود الطلاب في سبيل البحث والاستقصاء والتعلم