الذبذبة، سميت بالأشعة الكهربائية المغناطيسية، ثم تلتها الأشعة (السينية) المعروفة بأشعة (اكس) وقد أفادت الطب اكبر فائدة وهي تنفذ في الرصاص إلى نحو من خمسة سنتمترات. واليوم نتحدث عن الأشعة (الكونية) صعد الأستاذ منطاده في بالونه المشهور إلى طبقات الجو العليا في طلبها، وتحدثت عنها وعنه الجرائد منذ أشهر قليلة. وهذا الاشعاع الجديد لا يتوقف انبعاثه على الكرة الأرضية التي لنا الحظ بالعيش عليها فهو ينبعث صباح مساء في الصيف والشتاء غير آبه لنا أو لها، وينبعث حاملا طاقة واحدة لا تزيد ولا تنقص ينفذ بها في الرصاص بضعة أمتار وفي الماء نحو ٨٠٠ قدم. ما أثر هذه الأشعة الجديدة اكتشافا، الأزلية مولداً، فيما على الأرض من حياة؟ ما أثرها في حياة النبات والحيوان وفي حياتنا نحن وارثي الأرض وما عليها؟ يقول الأستاذ السير جيمس جينز ان هذه الأشعة تحلل في الثانية الواحدة ملايين الجزئيات من أجسامنا. ان كان هذا حقا فما اثقل النعاس الذي كنا فيه حتى نمنا كل هذه القرون والأجيال عن أمر له هذا المساس القريب بذواتنا. ويا ترى كم من أمواج اخرى في هذا الفضاء تعمل فينا وفي أجسامنا وفي أرواحنا، ونحن عنها غافلون. وهل يا ترى سنجد في هذا النوع من الاشعاع تفسيرا لبلي الجديد وشيخوخة الشباب وفناء الحي. أذكر من سنوات عدة كلمة للسير أوليفر لودج لا أنساها الا إذا نسيت حضرته الرائعة، تروعك منها قامته الطويلة وكتفاه العريضان ورأسه العظيم يطل عليك من فوق جسمه الكبير مجللا بالشيب ولحية وقورة بيضاء صافية كصفاء ايمانه، وعينان وادعتان تنظر اليك منهما حقب من الزمان امتلأت علما وفكرا في مبنى الوجود ومعناه. كان يحاضرنا في جمع حافل أتى يستمع للعالم الشيخ فساقه ختام المقال إلى عفو من الكلام قال:(أنا هنا واقف بينكم في القرن العشرين في قاعة مملوءة بأنواع عدة من أمواج عدة (يقصد الأمواج اللاسلكية) منبعثة في اتجاهات عدة وكلنا صموت نتسمع ولكننا لا نسمع شيئا. ولكننا جميعا برغم ذلك مؤمنون بوجودها. ولو أني وقفت بينكم هذا الموقف في القرن الغابر أحدثكم عن هذي الأمواج لقلتم خرف أصابه مس الكبر. الفرق بين الموقفين فرق بين الزمنين، ذلك أني اليوم أستطيع أن أعيركم هذه الأذن الجديدة (وأشار إلى سماعة اللاسلكي التي تلتقط الأمواج) تسمعون بها ما عجزت عن سماعه آذانكم. ثم دار الأستاذ بعينيه في أرجاء الحجرة الواسعة في صمت وبطئ كأنما يستوحي جدرانها ثم قال: (ليت