الكافية؛ فلا يبعد إذن أن يكون قد وقع فيها بعض التغيير أو الحذف. مثال ذلك أسفار موسى الخمسة فانه لم يزل أمرها غامضاً حتى اليوم. يوجد عدا هذا بعض تناقض في الآيات من حيث الصورة والمعنى. آمن عيسى عليه السلام في عودته ثانية إلى الأرض، وإن الساعة آتية قبل أن ينقضي العهد الذي نزل هو فيه.
يلاحظ هنا تباين نشأ عما رمز إليه في التوراة من أعمال دنيوية، إذ انقضى عهده وانتهى النظام الوراثي للملك وهو لم يعد بعد. أدى هذا الاعتراض إلى أحداث انشقاق في الكنيسة الكاثوليكية في أواخر القرن التاسع عشر. أخذ رجال الكنيسة من جديد يدرسون الإنجيل من حيث التاريخ والجغرافيا والتشريع، وقد قضى الأب لوازي حياته في التوفيق بين الدين والتاريخ.
نشأ عن تلك الحركة اتجاه جديد في الرأي سمي بمذهب (المثل الاعتقادي) يرى أخذ الأشياء على أنها أمثلة بسيطة شأنها أن تحدث معتقدات تتناسب مع قوة إيمان الفرد؛ فيكون مرمى نظرية نزول المسيح تحديد قيمة مثلى.
على رغم كل ذلك ما زال في النفس بقية تدعوها إلى كشف معتقد جديد وحقيقة أخرى، فيرى برجسن وهنري بوانكاريه أن العقل غير كاف وحده لكشف الحقيقة التي دأب وراءها الإنسان منذ نشأته. فلا بد له أن يتبع هدى روحه كما فعل أفلاطون وغيره.
ويرى أوجست كنت وأتباعه أن الدين نظام اجتماعي قابل للتطور مثل الجماعة في تاريخها من تشريع وأخلاق. ويرى الأستاذ شارل مورا الدين الكاثوليكي لإصلاح النظم الاجتماعية في فرنسا لما فيه من عناصر السلام
ما هي حالة الفرد النفسية إزاء ذلك الانقسام؟
عبر علماء النفس عن ذلك بأنه شعور جديد بشخصية الفرد يدعوه إلى تحديدها من حيث اتصاله بالجماعة، ومن حيث اتصاله بنفسه، مما أدى إلى ترك بعض المعتقدات والتمسك بأخرى. ولما كانت الجماعة تحمل في ماضيها عناصر مدنيات مختلفة فهي إذاً الدافع إلى هذا الشعور في الفرد. ويختلف الأفراد في قبول ذلك حسب استعدادهم النفسي، وهذا ما نشاهده في القديس بولس إذ اضطربت نفسه متأثرا بعصره، فخرج على الدين ثم عاد إليه متحمساً لتجديده، وذلك بالدرس والمجاهدة النفسية.