للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولكننا نقرب منها شيئاً فشيئاً مع وفرة مجهودنا الفكري خلال العصور المتطاولة. كان العلم عند اليونان مثلاً مبادئ وأوليات، وقد ترقى بعض الشيء عند العرب، وفي عصر النهضة بأوربا، ومازال يرتقي وستخلص أسسه من شوائب كانت سبباً في تغيير معالم الحقيقة التي لم تغير جوهرها بالنسبة لحاجة الإنسان.

ويرى آخرون أن ليس للحقيقة وجود ذاتي، فهي محض فكرة دعت إليها حاجة الإنسان. فعند اليونان تدل كلمة حقيقة على شيء نسبي - أي أن حاجة الإنسان الفكرية تتطلب حقائق مختلفة حسب الزمان والمكان، وهي بدورها تحقق رغبة علمية واحدة؛ وبما أن حاجة الإنسان غير ثابتة فتكون تلك الحقيقة أيضاً غير ثابتة، وذلك لاختلاف وسائل تحقيقها. فمطرقة الحداد مثلاً كانت حقيقة في الماضي - كذلك مطرقة النجار هي حقيقة اليوم، ورغم ما أثبته العلم والعمل حتى عهد قريب من صحة نظرية نيوتن الخاصة بتجاذب الأجسام، فان أبحاث اينشتين تثبت حقيقة أخرى بعد ما هدمت الأولى؛ أعني أن هناك تناسباً خاصاً في الحياة الفكرية لكل عصر؛ ولا غضاضة إذا أقبلنا بجميع جهودنا على تلك الحقيقة المتغيرة فهي لم تتحدد بغير منفعتها.

مثل وليم جيمس هذا الرأي في أمريكا - وأخذ برجسن ببعض منه، أي الجزء الخاص بتطور الفكر، وتبع المسيو ادوارلروا أستاذه برجسون في ذلك إذ رأى أنه يصعب على الرجل العملي فهم الدين من الوجهة المنطقية. وعليه فان عبارة (الأب والابن وروح القدس) معناها تصوير حقيقة واقعة تنشأ عن ارتباط الفرد بغيره. ويقال مثل ذلك في تفسير وجود عبادة الله وحده - أي كونه ماثلا حقيقة روحاً ودماً (عقيدة سر القربان عند المسيحيين)؛ ويراها آخرون أنها صيغة أمر، أي وجوب تصور حالة العبد أمام ربه كما يجب أن يكون عليها أمام إنسان يرى فيه أصل الحب والتقديس. هو أصل اليقين والشعور الطاهر، وقال بمثل ذلك الأب بالمعهد الكاثوليكي بفرنسا في إحدى جلسات مجمع باريس الديني الأخير إذ رأى أن أوضاع الدين لم تكن غير نواميس للحياة.

٣ - التاريخ

شك علماء التاريخ في مصادر التوراة، لأن فيها أجزاء وضعها قديسون، وقد نُقحت من بعدهم. وللآن لم يستقر الأمر على معرفة كيفية حصول ذلك لعدم توفر الوثائق التاريخية

<<  <  ج:
ص:  >  >>