والحريات الفنية؛ وطاف بفينا وباريس ولندن وغيرها، ومر منذ شهر بمدينة سالزبورج مسقط رأسه، فلقي فيها أعظم مظاهر الحفاوة والتكريم، وأطلقت البلدية أسمه على شارع من أشهر شوارعها.
وفي (حلم ليلة صيف) تتجلى عبقرية شكسبير الرائعة في مزج المبكي بالمضحك، وإبراز المفاجآت والمدهشات في ثوب يأخذ باللب، ويذكي العواطف إلى الذروة؛ ومع أن القطعة كانت في بعض تفاصيلها مسهبة، فأن الموسيقى الرائعة التي اقترنت بمناظرها، وهي من مقاطيع مندلزون وفاجنر، كانت ترفع بجمالها وسحرها كل ميل إلى السأم.
والمفهوم أن ماكس رينهارت سيمضي في إخراج قطع أخرى من مسرحيات شكسبير؛ وربما رأينا قريباً هملت أو مكبث، أو تاجر البندقية أو يوليوس قيصر أو غيرها من آثاره الخالدة على مسرح السينما بفضل عبقرية ماكس رينهارت.
بييردي نولهاك
في الأنباء البرقية الأخيرة أن الكاتب والمؤرخ الفرنسي الكبير بييردي نولهاك قد توفي في السادسة والسبعين من عمره. وكان دي نولهاك عضواً بارزاً من أعضاء تلك المدرسة التاريخية الباهرة التي استطاعت أن تجمع بين التحقيق التاريخي والعرض الساحر، والتي تزعمها كتاب ومؤرخون يمتازون بالقوة والطرافة مثل فرانز فونك برنتانو، ولينوتر، ودي نولهاك، وقد كان لهذه المدرسة أكبر الفضل في الكشف عن طائفة من الوثائق والمحفوظات الشهيرة، ودرس دي نولهاك الفلسّفة والأدب القديم، وتفقه في الدراسات اليونانية واللاتينية، وعني منذ فتوته بالتنقيب في أقبية المكاتب العامة؛ ودرس مدى حين فيمدرسة الآثار الفرنسية برومة، وعثر في مكتبة الفاتيكان على طائفة من الوثائق التاريخية النفيسة، ونشر عن مباحثهعدة مؤلفات منها (مكتبة زعيم إنساني في القرن السادس عشر) و (ثبت المخطوطات اليونانية لجان لسكاريس) و (مباحث عن رفيق بومبونيوس لاكثوس) وغيرها، ووقع دي نولهاك أثناء هذه الفترة على خطية من كتاب (كانزونير) للشاعر الأشهر بترارك وبخطه أيضاً، وقدمها لأكاديمية الآثار، فكانت نقطة باهرة؛ وأثار هذا الاكتشاف اهتمام دي نولهاك بدراسة بترارك، فقدم عنه رسالته الشهيرة عنوان (بترارك والإنسانية) في سنة ١٨٩٢.