والتحق دي نولهاك منذ سنة ١٨٨٦ بوظيفة في المكتبة الأهلية، وانتدب للتدريس في نفس الوقت بمدرسة الدراسات العليا؛ ثم عين بعد ذلك مديراً لها واستمر في هذا المذهب حتى سنة ١٩٠٠، وعين أيضاً أميناً لمتحف فرساي واستمر في هذا المنصب حقبة طويلة، وفي أقبية المكتبة والمتحف بدأت مباحث دي نولهاك المؤرخ، وهي مباحث دلت فيما بعد على أنه في هذا الميدان عبقرية بارزة، ووقع في الأقبية على طائفة من الوثائق والمحفوظات التاريخية النادرة، واستطاع أن يستخرج منها مادة بديعة لكتبه، وأشهر مؤلفات دي نولهاك التاريخية:(فرساي في القرن الثامن عشر) و (الملكة ماري انتوانيت) و (لويس الخامس عشر ومدام دي بومبادور) وغيرها، وفيها تبدو عبقرية نولهاك كمؤرخ وكاتب، ذلك أن حقائق التاريخ تعرض فيها في أثواب ساحرة كأنها الخيال المرسل، وتسطع فيها الصور حتى يخيل إليك أنها حية تغدو وتروح وكأنك تعيش معها وفي عصرها.
وكتب دي نولهاك عدة كتب أخرى ارتفعت باسمه إلى مصاف أقطاب النقد والتفكير الفلسفي منها:(رونسار والإنسانية)، ومنها (قصائد إيطاليا وفرنسا). وانتخب نولهاك عضواً بالأكاديمية الفرنسية وانتظم في سلك الخالدين قبل وفاته بأعوام طويلة.
كتاب عن ذكرى ابن ميمون
احتفلت الطوائف اليهودية في مصر وفي سائر أنحاء العالم، وكذلك احتفلت معظم الهيئات العلمية في مختلف الأقطار بذكرى العلامة والفيلسوف والطبيب اليهودي العربي الأندلسي موسى ابن ميمون، وكان الاحتفال في إبريل من العام الماضي، وذلك لمناسبة انقضاء ثمانمائة عام كاملة على مولد الطبيب الأشهر؛ ولابن ميمون في مصر ذكريات خاصة، فقد كتب فيها معظم مؤلفاته، وتوفي فيها، وكان كبير الربانيين بالقاهرة، وكان طبيباً للسلطان صلاح الدين الأيوبي؛ وكان مولد ابن ميمون في قرطبة في ٣٠ مارس سنة ١١٣٥م، في عهد المرابطين، ثم نزح مع أسرته إلى المغرب فالقاهرة حيث اتصل بالسلطان صلاح الدين وعينه طبيبه الخاص. وعكف ابن ميمون على دراسة التلمود وكل ما يتعلق بالقصائد والفلسفة اليهودية، وألف فيها بالعربية، ولكن بحروف عبرية، طائفة من الكتب الفلسفية والدينية مازالت تتبؤا المقام الأول بين تراث اليهودية.
وقد عنيت الحاخامية اليهودية بالإسكندرية بإصدار مجلد ضخم عن هذا العيد العلمي