للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدليل وقال، انه رأى شبحين ومعهما بعير هبطا إلى الوادي بالقرب من البئر وبعد أن عقلا الدابة أخذا ينسلان نحو مربط الجمال ملتزمين السفح، فقلت هل تراهما؟ قال ان البئر بعيد والضوء ضعيف والرؤية متعذرة.

وبعد قليل صاح الدليل (ها! أكمنوا لا تطلقوا النار) ثم انه أطلق عيارا في الهواء وعندها برز رجلان إلى عرض الوادي واندفعا نحو الجمال فصاح الدليل (جماعة أطلقوا النار في الهواء) فدوى في سكون الليل صوت البنادق كأنه زمجرة المدافع فذعر الرجلان لهذه المباغتة ووقفا مكتوفي اليدين علامة التسليم، فانتقل إليهما سويلم الجمال وقادهما إلى حيث كان الدليل فقالا أنا قادمان من المرج قاصدين وادي الحقول على البحر الأحمر في أمر مستعجل، وفي المساء كنا نجتاز اليحموم الأزرق فشاهدنا ناركم فعرجنا عليكم لنستدفئ وما قصدنا بكم سوءا ولكنها مداعبة على عادة البدو. وبعد أخذ ورد من الدليل على قولهما سألهما عن البعير فقالا انهما وجداه ضالا فساقاه أمامهما حتى لا يقع غنيمة في يد (أولاد علي) اسم قبيلة، وبعد ان نفحناهما بطعام وكبريت انصرفا بسلام وقد تنفس الصبح ولاح.

قضينا اليوم الرابع في الصيد كذلك فوق سفوح جبل القطامية على ثلاث ساعات شرقي بئر جندلي وعند الظهر التقينا بوادي الغز بجبل أبو شامة حيث كانت تنتظرنا الجمال وبتنا فيه تلك الليلة وفي صباح اليوم الخامس غادرنا أبا شامة راجعين عن طريق البعيرات فوق مشارف وادي دجلة وبعد سير حثيث دام عشر ساعات من غير انقطاع وصلنا القاهرة عند العشاء ونحن على احسن حال وفي أجود صحة.

(الرسالة) لاحظ القارئ ولا ريب ان عبد الله بك واخوته يمثلون جيلا من الناس أولع بالصفة الباقية من صفات الفتوة وهي الصيد. والصيد رياضة بدنية نفسية تربي في النفوس أخلاق الرجولة كالنخوة والمغامرة والقوة وقد كانت ولا تزال ديدن الملوك والأمراء والقادة فعسى ان يكون لهذا الجيل بقية في مصر. وان يكون لهذه البقية أثر صالح في توجيه الناشئة لمثل هذه الرياضة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>