للناس، وهذا منه، لا سيما إذا كان يعرف أن السائل سيعتقد ذلك الرأي أو المذهب المخالف للصواب
ومن المهم في ذلك أن الإمام الشوكاني لم يبح للمفتي المقلد أن يفتي إلا من يسأله عن قول فلان أو رأي فلان، ولم يبح له أن يفتي من يسأله عن الله أو حكم رسوله أو عن الحق أو عن الثابت في الشريعة أو عما يحل له أو يحرم عليه، لأن المقلد لا يدري واحدا من هذه الأمور على التحقيق، بل لا يعرفها إلا المجتهد؛ وهكذا إن سأله السائل سؤالا مطلقا من غير أن يقيده بأحد الأمور المتقدمة، فلا يحل للمقلد أن يفتيه بشيء من ذلك لأن السؤال المطلق ينصرف إلى الشريعة المطهرة، لا إلى قول قائل أو رأي صاحب رأي. وهذه (اللجنة) قد ألفت من علماء المذاهب الأربعة، فهم مقلدون لا مجتهدون؛ وقد أبيح لهم أن يفتوا من لم يبين مذهبا في فتواه بحكم الله المؤيد بالأدلة، من غير تقيد بمذهب من المذاهب الشرعية ولا يمكن لهم أن يفتوا بهذا إلا إذا خلعوا عن أنفسهم صفة التقليد، وادعوا لأنفسهم صفة الاجتهاد، ولا شك أن أكثر هؤلاء الأعضاء إن لم يكونوا كلهم لا يدعون لأنفسهم هذه الصفة وإنه ليسرنا أن يدعوها لأنفسهم. ولكنه يحول دون ذلك قبولهم أن يفتوا بحكم المذاهب الفقهية من يسألهم عنها وألا يبينوا حكم الله إلا لمن لا يعين في فتواه مذهبا من هذه المذاهب، اللهم إلا أن يدعوا لأنفسهم الجمع بين الصفتين، ويكون هذا من غرائب دستور (لجنتهم) ولكننا نجل إخواننا من أعضاء (اللجنة) عن هذه الدعوى، ونعتقد أنهم سيعملون على إصلاح وجهتها، وصرفها إما إلى الاجتهاد الخالص أو التقليد الخالص، ليكونوا إما مجتهدين بحق وإما مقلدين
فتلك الخطوة التي خطاها الأستاذ المراغي إلى الاجتهاد خطوة ضئيلة جدا، ولا يصح أبداً أن تكون نتيجة لذلك الجهاد الطويل الذي قام به الداعون إلى الإصلاح وفتح باب الاجتهاد من عهد جمال الدين الأفغاني إلى الآن، وهي خطوة من السهل أن ينظر إليها أنصار التقليد إذا آل الأمر إليهم وكأنها لم تكن، ونحن نريد أن نفتح باب الاجتهاد فتحاً صريحاً يكون في المستقبل حجة لأنصاره، وتكأة يعتمدون عليها، وحجة على أنصار التقليد يؤخذون بها، والفرصة الآن سانحة بالتفاف رجال الأزهر حول الأستاذ المراغي، واختيارهم له جميعاً على أنه رجل الإصلاح وخليفة الإمامين الصالحين: محمد عبده، وجمال الدين