الحجارة وقد ركم بعضها على بعض. ورأيتني مع بشر أقصُّ عليه خبر احمد بن حنبل؛ فقال أنظر ويحك؛ أن الناس يسمونها خمسين ألف دينار وهي هنا في وادي الحقائق خمسون ألف حجر لو أصابت احمد لقتلته ولكانت قبره آخرَ الدهر
إن المال يا بني هو ما يعمله المال لا جوهره من الذهب والفضة، فإذا كنت بمفازة ليس فيها من يبيعك شيئاً بذهبك فالتراب والذهب هناك سواء. والفضائل هي ذهب الآخرة؛ فهنا تجدد بالمال دنياك التي لا تبقى اكثر من بقائك، وهناك تجدد بالفضائل نفسك التي تخلد بخلودها
ومعنى الغنى معنى ملتبسٌ على العقول الآدمية لاجتماع الشهوات فيه، فحين يرد احمد بن حنبل خمسين ألفاً، يكون هذا المعنى قد صحح نفسه في هذا العمل وجهاً من التصحيح
قال حسين المغازلي: وغطَّني النوم في أعماقه غطَّةً أخرى فإذا أنا في المسجد في درس الأمام احمد وهو يحدث بحديث النبي صلى عليه وسلم: إذا عظَّمت أمتي الدينار والدرهم نزع منها هيبةُ الإسلام؛ وإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حُرموا بركة الوحي. وهم أن يتكلم في تفسيره ولكنه رآني فمسك عنه وأقبل عليّ فقال: يا حسين! إذا اجتزأ شيخك بالرغيف فهذا عنده هو قدر الضرورة، فان أكل الطيبات فقد عرضت حالٌ جعلت هذه الطيبات عنده هي قدر الضرورة. وفي هذه النفوس السماوية لا يكون الجزء الأرضيُّ إلا محدوداً، فلا يكون محصوله إلا ما ترى من قدر الضرورة
ولما صغُر الجزء الأرضي في نفوس المسلمين الأولين ملكوا الأرض كلها بقوة الجزء السماوي فيها، إذ كانت إرادتهم فوق الأطماع والشهوات، وكانت بذلك لا تذل ولا تضعف ولا تنكسر؛ فالآدمية كلها تنتهي إلى بعض صورهم هؤلاء الذين محلُّهم في أعلاها
يا حسين! ألا وإن ردَّ خمسين ألف دينار هو كذلك قدرُ الضرورة
قال حسين: وذهبت أعترض على الإمام بما كان في نفسي من أن هذا المال وان لم يكن من كَسْبه، فقد كان يتحول في يده عملا من أعمال الخير؛ أنسيتُ أن هذه الصدقات هي أوساخ الناس وأقذار نفوسهم، فلم أكد أفتح فمي حتى رأيت الكلام يتحول طيناً في فمي ليذكرني بهذا المعنى؛ وكدت أختنق فانتفضت أتنفَّس فطار النوم والحلم