غفَلت عنَى المنونُ فغني ... تُ وَلحنُ الحياةِ قصير
أتعامى عن الفناءِ وَحولي ... محنٌ ليس تنقضي وَثُبور
ألمي صارخٌ وَجرحي ضرىٌ ... وَالهوى يائسٌ وَجَدِّمي عثورُ
وَبنَفسي قيثارةٌ تتشكى ... وأنا الدمعُ وَالأسى وَالشعور
أتسلَّى عن الضَّنى بلُحون ... هي روحُ الحياةِ وَالإكسير
الشَّجا المُّر في حِماها شفاءٌ ... وَالدجى الشاملُ المروَّعُ نور
خاطِري من نشيِدها مستثارٌ ... وَفمي من سُلافِها مخمور
عالَمي مهبطُ الرُّؤى وَمِهادي ... ذهبُ خالصُ وَتبرٌ نثير
وَفضائي مُوشُّحٌ بالغوادي ... وَهِضابي ندًى وَجوِّي مَطير
وَسمواتَي الفسيحاتُ تابو ... تٌ عليهِ من الغيوم سُتُور
أُفُقٌ شاحبٌ تَدثَّر بالُّسحبِ وأغيا في الضبابُ الغمير
لا السَّنا ضاحكٌ بابهَائه السح ... م وَلا النور في مَداَه يمور
فمن الحزنِ وَالجهامةِ قبرٌ ... وَمن الهمِ وَالكابةِ سور
وَتعرى المساءُ من القِ السح ... رِ فلا روعةٌ وَلا تَصوير
التعاشِيبُ أَعُينٌ جامداتٌ ... هي من طولِ ما ُتحدِّقُ صور
أطفأ العاصفُ الُملحُ سَناَهَا ... وَغَزَاهَا الصقيعُ وَالزمهرير
هاهنَا للجمالِ عرسٌ تَقَضَّى ... مِلءُ أعطافهِ شذاً وعبير
هاهنا كان للجداولِ الحا ... ن لِطافٌ وَللنسيم سَرير
هاهنا حَنَّت العَشَّيات للضِّح ... ك وَبشَّ الضُّحى وَهشَّ البكور
لا الروابي تفيضُ بالعبق الطُّه ... ر وَلا يطربُ الحقولَ الخرير
هَدأَت من جَوى الغرام قلوبٌ ... وَاستراحت من الهَديل ثغُور
وَحشة ما تكادُ تحمله النف ... سُ وَشجوٌ تضيقُ عنه الصدور
أراد الُمَزَّوقُ الُحلمَ داجٍ ... وَحِمَى الأنس مُجفلٌ مَذعُور
أَينَ وادٍ رفَّت عليه البشاشا ... ت وَرَنت أَعشاشه وَالوكور
ماج فيه الهَوى فعاشت حوافي ... هـ وَضجت من الحياةِ الصخور