السياسة، وان يرضى صديقنا لنفسه أن يضع الأدب من السياسة هذا الموضع، وقد كنت أرى أنه يجب إخضاع السياسة للأدب، لأكتبن إليه، قال لا تفعلي، فليس هو الآن في القاهرة، أنه يطوف في لبنان فانتظري حتى تعودي ويعود، ثم خذي معه في هذا الحديث، ولكن اقرأي هذا الفصل وفكري فيه، فهو فصل من فصول الصحف السيارة في مصر لا أكثر ولا أقل.
ولكن حدثيني أتريدين أن تطيلي الإقامة في نيس؟ قالت وأنت حدثني كيفوقعت الى نيس وأنت تقصد الى مدينة النور؟ قال وهل يكون النور إلا حيث أنت يا آنسة؟ قالت مغيضة: هل تعلم انك تثقل علي أحياناً بهذا العبث السخيف؟ قال ما أردت هذا ولا فكرت فيه، وما أرى أني ألام إن كنت ثقيلا، فلعل الثقل أن يكون بعض طبيعتي؟ فخذيني كما أنا، قالت فان لم يعجبني منك هذا، قال فاحتمليه على أي حال فلعل عندي ما يهون عليك احتماله، أتريدين أن تطيلي الإقامة في نيس؟ قالت سأقيم أياما، وأنت؟ قال سأقيم فيها ما أقمت إن لم يثقل عليك ذلك، وسنرتحل معا حتى إذا كنا في بعض الطريق تخلفت أنت في مدينتك الجامعية الصغيرةفاصطليت فيها حر الصيف ونار العلم والأدب، ومضيت أنا الى باريس، ومن يدرى، لعل نار الأدب والعلم أن تستهويني فأتخلف وقتا طويلا أو قصيرا، وهل أنا فراشة تستهويها النار، ولا تكره أن تحترق بها؟ قالت في شيء من التفكير: أنت مقيم في نيس ما أقمت، مرتحل عن نيس إذا ارتحلت عنها، متخلف حين أتخلف، مصطل للنار التي أريد أن اصطليها. قال هذه خطة مرسومة، وكيف تريدين يا آنسة أن تغيري ما رسم القضاء؟