(الجمهورية الثالثة)، وفي (تاريخ أمتين)، وفي حملاته الكبرى مع شارل موراس وليون دوديه أبطال الحكم الملكي كانت توضع (مقايسة) جديدة لإنشاء جيل جديد
كنت اقرأ له منذ أيام آخر كتاب أخرجه للناس وكان يقعدني العمل أو الكسل عن أن أنقل عنه كلمة للأدباء قراء (الرسالة)، فلما مات وضجت لموته فرنسا، ووقعت معارك (الاكسيون فرانسيز)، وكان الاعتداء على زعيم الاشتراكيين (ليون بلوم) كان علينا أن نلخص كتابه للناس
وضع الناشر على الكتاب عبارة تنبئ عن غاية الكتاب قال:(لا تحكموا عليهم قبل أن تعرفوهم) وقدم المؤلف له بقوله (. . . الدكتاتورية ككثير من الأشياء قد تكون أسوأ نظم الحكم وربما كانت خير نظام؛ ولئن كانت خيراً أو شراً فان الظروف تلجئ إليها أحياناً فيخضع الناس لها دون أن يكون لهم حق الخيار. . . فعلى الشعوب ألا تضع نفسها في مثل هذه الظروف. .) ويناقش المؤلف ما يظنه البعض من أن الدكتاتورية اختراع ابتدعه العصر الحديث، فما هي إلا سيرة معادة من سير العصور الغابرة؛ ثم يعبث عبثاً مريراً بأحد الساسة الذي أطلق على أول دكتاتور معاصر لقب (قيصر الكرنفل) فلربما كانت الدكتاتورية سداً يقام أمام طوفان الشيوعية الحمراء أو الديمقراطية الرعناء؛ ولطالما كانت نداءاً حاراً للمساواة بين الناس، أو لتهذيب شِرة رأس المال؛ وكثيراً ما كانت لإقرار نظام النقد إذا شالت به كفة الميزان
يهبط بانفيل ببحوثه إلى أعمق أغوار التاريخ قبل الميلاد فيفتتح الكلام ببحث عن (طغاة الإغريق وأولهم أول مشترع عرفه التاريخ (صولون) ثم (بركليس) ثم يسرع المؤلف بنا إلى روما وأبطالها الأربعة (ماريوس) و (سيلا) و (بومب) و (يوليوس قيصر)، وفي عجالته عنهم يضرب الأمثال ويذكر العبر. فهذا (ماريوس) يجشم جيشه مخاطر الحرب في (توسيديا بأفريقيا) ليثبت أقدامه في روما تماماً، مثلما يغامر (موسوليني) في الحبشة ليقوي أسبابه لدى الطليان. . . وهذان القنصلان (سيلا وبومبي) يخوضان إلى الحكم في بحار من الدم. وهذا (قيصر العظيم) فاتح الغال ومصلح القضاء وعدو الترف في أساليب فشستية تذكر به أحفاد الرومان في القرن العشرين فيديرون أعينهم نحو ذلك الطود الذي يسيطر على مصائر روما منذ أعوام