لقد كانت أمها رأت في نومها حلماً مزعجاً ممضاً. . . رأت أنها تلد أفعى هائلة، ذات أنياب! وإنها تأخذها فتضمها إلى صدرها. . .! يا للهول! ذات أنياب! وإنها تأخذها فتضمها إلى صدرها. . .! يا للهول! إن الملكة تنتفض من نومها مذهولةً مروعة!. . . وإنها لتذكر أجاممنون فجأة. . . تذكره بعد عشرين سنة! وتذكر أورست المنفي بأمرها في أقصى الأرض! وإنها لتهب من السرير الديباجي الوثير. . . وتنثر ذراعي إيجستوس الجبارتين الملفوفتين حول خصرها!. . . وإنها لتنطلق في القصر مذعورة في أبهائه. . . إلى. . . بهو العبيد والخدم. . . بهو العذارى الطرواديات، حيث تنام إلكترا على فراش من الشوك، تفكر في عشرين سنة مملوءة بالدم. . . مملوءة بالدم. . . مملوءة بالدم. . .
وإن الملكة لتوقظها من أحلامها، وتأمرها، وسائر الطرواديات، فينطلقن إلى المقابر بزقاق الخمر، يسقين الثرى، ويقربن إلى أجاممنون. . . ويرضين روحه الغضبى!!
ولكن، ولكن الصلاة تنقلب، والقربان يصعد إلى السماء فيغضب الآلهة، فترسل أورست، ويتحقق الحلم الأسود. . . . الأفعى! الأفعى ذات الأنياب، يتدفق منها السم الزعاف!!
ويصليان لزيوس صلاة حارة، ويضرعان إليه أن يكون معهما فيما قادمان عليه من ذلك الهول الأكبر. . . فإذا ارتفع صوتهما، وعلا جُؤارُهما، تقدمت رئيسة المنشدات فابتهلت إليهما أن يتكلما همساً - (فقد تسمعكما أُذن شر فيفشل سعيكما وتذهب ريحكما، ولا تقوم لكما قائمة من بعد!) فيطمئنها أورست - (ليفرخ روعك أيتها السيدة الصالحة! فلقد أرسلني أبولو لآخذ بثأر أبي، فإن لم أفعل، فليجمد دمي حتى يكون كالثلج في عروقي! لا بد أن يشربا بالكأس التي أفرغاها في فم هذا الثاوي هنا. . . يتطلع إلى ما يفعل له أبناءه، وآخر أثاره منه في هذه الحياة!)
ويتقدم الفتى والفتاة فيصليان على قبر أبيهما صلاة حارة، ثم يعطيانه موثقاً صادقاً أن يثأرا له، ولو كلفهما الأثآر له هذه الصبابات من الدم التي أبقى عليها الأسى في عروقهما
ويلتمسان منه العون، ويضرعان إلى السماء أن تكون معهما، والى الآلهة أن تسدد خطاهما