وفي سنة ١٩١٤ عندما ارتفع بخار الدماء في سماء الدنيا هدأت أعصاب لينين! وأخذ يتحرك، فأهاب بالعمال في العالم أجمع أن يُلقوا السلاح ليتخلصوا من الطواغيت إلى الأبد، وليجعلوا من رأس المال أسطورة تُحكى للناس، أُزيلت من عالم الواقع الحاضر، وجاءت الظروف تضع الأحجار في بنيان هذا الطاغية - والمصادفة دائما في خدمة الدكتاتوريات - إذ سرت الرعدة في كيان الإمبراطورية الذي شاخ؛ فالحرب بدت مجزرة فاشلة، والفيالق أخذت تتذمر فقامت قيامة العمال في ٨ مارس سنة ١٩١٧، وفي ١٠٠ ساعة فقط هوى عن العرش آخر أبناء رومانوف
وتطلعت الثورة تريد رأس حكيم يحركها. . وتطلع لينين إلى الألمان فنقلوه إلى روسيا في قطار مسلح في حاشية من ثلاثين هداماً من زملائه، ووصل الركب إلى روسيا، وأخذ لينين يناضل الحكومة المؤقتة لتكف عن مواصلة القتال في الحرب الكبرى، فوجهت إليه تهمة الخيانة العظمى وأوشكت أن تظفر به، ففر من جديد ليعود بعد شهور ومعه (الفنان الأكبر) فنان الثورات (تروتسكي)
وضع الفنان الأكبر خطةً هي آية الفن الثوري الحديث؛ فعمد إلى المصالح الميكانيكية، وهي التلغراف والتلفون والبريد والكهرباء والسكة الحديد؛ وعهد في الاستيلاء عليها إلى فئة قليلة من المحاربين في زي عمال، وأمّر عليهم طائفةً من المهندسين المهرة، فلم يمض يومان حتى كانت هذه السواعد الفتية قد وصلت إلى نتائج باهرة برغم قلة عددها، إذ كان اتحاد الغاية مع تشعب الأهداف الأولية سبباً في عجز الجيش وضعف حيلة الحكومة عن مواجهة المخربين، وهكذا استطاع (تروتسكي) أن يعزل العاصمة عن الإمبراطورية، ثم استطاع أن يصدر الأوامر إلى أنحاء الأرض النائية؛ وبعد مناورات هندسية أخرى سار بفيلق صغير صوب القصر وسلط عليه شواظاً من جهنم ترسله مدافع الطراد (أوردرا) فتفتحت الأبواب للطارق الفظيع ودعا إليه (لينين)!. . واستسلمت روسيا إلى الشيطان، ودان له النواب في مجلس (الدوما)
وابتدأ لينين يحكم باسم الحق والعمال، ففرغ من الألمان بالمعاهدة، وتفرغ إلى روسيا بالحديد والنار ليفرض عليها أفظع طغيان يرتعد من هوله التاريخ، ويتضاءل أمامه