ثم عجزت نظمه جميعاً وقامت جورجيا تطلب استقلالها فسار إليها (تروتسكي) في جحفل أغبر ليمسح حركتها من الوجود؛ وبدا لعين الطاغية الأعظم فشل مشاريعه فأخذ يقول:(لقد هدمنا أكثر مما نستطيع بناءه) وأخير أصابه الشلل وشب إلى جانبيه طاغية جديد هو ستالين
ومات لينين وخلفه ستالين، فاستهل حكمه البلشفي أبرع استهلال، إذ طوح بتروتسكي إلى أقصى الأرض ليُنبذ من دولةٍ إلى دولة كأنه الطاعون؛ وليكتب في الصحف كل يوم ليعيش. . (وهكذا - مثل ساتيرن - تأكل الثورات بنيها) واخترع ستالين نظام السنين الخمس، وطنطنت له الإذاعات والإعلانات في مشارق الأرض ومغاربها، ثم خفت الصوت وسكنت العاصفة لما مُني به المشروع من إخفاق
أما الشعب فما يزال جائعاً كما كان قبل الثورة؛ وأما الأمية فما تزال - على الرغم من الإحصاءات الرسمية - متفشية؛ وأما الإنتاج والرغبة فيه، وأما الرواج والحضارة، وأما الشعراء المستقلون والكتاب، فكل أولئك ومعهم خمسة ملايين من الناس نفوا من روسيا في الجزر الروسية أو في سائر أرجاء الكوكب المعمور
ولابد أن يرتفع هذا الكابوس عن روسيا إذا مات طاغيتها الجاثم على صدرها فهو نظام لم يبدأ من الشعب ولن ينتهي إليه
بعد ذلك يبهرك (بانفيل) بوثبة بديعة من وثبات السحر البلاغي تخلبك طلاوتها لأنها تنقلك كسائح في الجنة إلى قطر إسلامي شقيق فإذا بك أمام يراعةٍ منتشيةٍ كلها إعجاب، وإذا بك بين يدي (أتاتورك) العظيم. .
يقدم المؤلف تركيا الجديدة بكلمة لأحد مندوبيها في مؤتمر لوزان موجهة إلى أعضاء المؤتمر:(لماذا تريدون معاملتنا كالمتوحشين؟ إننا جميعاً في هذا الوفد نحمل شهادة الدكتوراه في الحقوق من جامعة باريس!) وأنت تكاد تلمس من العبارة أية جماعة تأخذ بيد مصطفى كمال وتعاونه، وأية أفكار جديدة تنشرها هذه القوى الناهضة، دون قعقعة أو جلبة على طرائق موسوليني وهتلر وستالين، ففي مصطفى كمال كثير جداً من (واشنطن) وفيه أيضاً من (جنكيز خان)