للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولد في سنة ١٨٨٠ وتعلم بالمدارس الحديثة وتلقى العلوم الحربية وصار (كابتن) في سنة ١٩٠٤، وفي سنة ١٩١٢ اتهم في مؤامرة على السلطان، ثم عمل في جيش القوقاز وفي الجزيرة أيام الحرب الكبرى

وعندما هادنت تركيا الحلفاء وأراد الباب العالي أن يبيع الأتراك لإنجلترا رفض كمال تسريح قواته، ووقف في وجه الحكومة ونازل اليونان فقذف بهم وبالإنجليز من ورائهم إلى أعماق البحر الأبيض المتوسط؛ ثم سحق الثورة الكردية وعقد معاهدة لوزان، وأنشأ المجلس الوطني الكبير، وألغى الخلافة، وصار الغازي رئيساً للجمهورية

ونفح في الصور ليبعث الأتراك من جديد!

وألغى الطربوش لتُلبس القبعة؛ وطاف مصطفى كمال في البلاد يهيب بها أن تستجيب لندائه؛ ورُفع الحجاب ووضع القانون المدني، وصار الزواج مدنياً بعد أن كان دينياً، وأدخلت الحروف اللاتينية في الأبجدية التركية

وهكذا جعل الغازي من أمته التي كانت مضرب المثل في الجمود، شعباً يستسيغ الإصلاحات الطافرة، ولو جاءته في سرعِة الأفْلام. .!!

وبعد أن قضى على الحاضر المضارع التفت إلى الماضي ليستخدم العلم والتاريخ في مجد أمته؛ وليس فخرها في (عثمانيتها) بل فخرها في أنها (تركية)، ولم يعدم البحاث والمنقبون عن الآثار في الأناضول معالم ومشاهد وآثاراً تثبت قدم الأتراك وآبائهم (الحيتين)؛ ثم اتجه الرجل العظيم إلى تطهير اللغة التركية من الغريب، وعمل رجاله في ذلك أعمالا جبارة، لكأنهم يخلقون الناس معهم من تاريخ نهضتهم فحسب! فمنذ عامين فقط شيعت الجموع شاعراً قومياً، ومشى الشباب وراء جثمانه وهم لا يفهمون شعره كما كان يجب، لأن لغته أصبحت لغةً قديمة. . .!! ولذلك فقد نفذت المعاجم من الجديدة أول ما عرضت في الأسواق

يُعطيك هذا العمل الأخير خير فكرة عن قوة اتجاه هذا الدكتاتور نحو الإنشاء؛ حقاً إن التركي يلقي هذه الهزات التي يهتز لها كل كيانه بعلامات استفهام وعلامات تعجب، لكنها ستجره معها يوماً على كل حال

يقولون إنه يعيش كأبطال الأساطير بين اللهو والقصف، ولربما بدا وجهه للناس بعد عشرين عاماً كوجه سلطان من السلاطين، لكن الذي لا مراه فيه أن قدم الدليل الناهض

<<  <  ج:
ص:  >  >>