وكتب لي دواء يمنع النزيف. فامتنعت من شرب الدواء، وأكثرت الحركة، وعملت كل شيء عكس ما نصح الطبيب رغبة في الإجهاض، ثم مع هذا كله ارتفع الدم وثبت الجنين. وهذا هو الذي على يدي
و (اسم الله عليهم) كلهم ذكور؟
لا والله! أربعة ذكور وبنتان، وكلهم في الهم سواء، وكل يوم نوع جديد من أنواع العذاب. ففي آخر السنة نضع يدنا على قلبنا عند الامتحان؛ وتظهر النتيجة، فهذا نجح، وهذا سقط بلا ملحق، وهذا له ملحق؛ ونمضي الإجازة في عناء! وتبتدئ السنة، فمن نجح في الشهادة الابتدائية ظهر متأخر الترتيب فلا نجد له مدرسة أميرية تقبله؛ والشهادة في يد، والمصاريف في يد، والمدرسة في رفض! ثم هذا صحيح وهذا مريض، وهذا ذاكرَ وهذا لم يذاكر. ولا تسألي عن وقت ذهابهم إلى المدرسة! هذا يبحث عن جزمته فلا يجدها، وهذا عن طربوشه فلا يجده، ونرى الفرد جورب في حجرة وفرداً آخر في حجرة أخرى، فلا يكادون يذهبون إلا وقد بلغت الروح الحلقوم. وعند مجيئهم من المدرسة هذا يغضب على الأكل وهذا يرضى، وهذا ينازع ذاك، ولا ينقذنا من كل هذا إلا نومهم. ثم هذا الشهر شهر أقساط المصاريف، وهذا شهر كسوة الصيف، وهذا شهر كسوة الشتاء، وماهية الزوج لا تكفي هذا وذاك، والعيش كله عناء في عناء. وأنت؟ أليس عندك أولاد؟
كان منظراً غريباً، فقد طفرت الدمعة فجأة من عين السيدة الثانية، فلما أخرجت منديلها ومسحت دمعتها قالت: أبى الله أن يرزقني في حياتي ولداً، وطالما دعوته وسألته! وحججت مرة، وكان أكبر همي من حجي أن أقف في أشرف بقعة وأسأل الله أن يهبني ابناً أو بنتاً! وليكن الابن ذكياً أو غبياً، ولتكن البنت جميلة أو دميمة؛ فأنا راضية بأي مولود على كل حال، ولكنه - سبحانه وتعالى - لم يفعل، وفي القرآن الكريم:(يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيما) فقد شاء أن يجعلني من الصنف الأخير - لتمنيت أن يكون لي أولاد، وأتحمل فيهم أضعاف ما ذكرتِ من عناء. ثم أراهنك أني أكون سعيدة مغتبطة لا أشكو ولا أتألم - لقد طرقت كل الأبواب لذلك فلم أنجح، ذهبت إلى الأطباء فعملوا لي عملية، واحتملت في سبيلها كل الآلام؛ وذهبت إلى المشايخ فرقَوا وعزَّموا؛ وذهبت إلى الشيخات (فحضَّرن) وبخرن و (وصفن)؛ وقالوا