الشعب اليهودي يتحدث باللغة اليهودية وهي مزيج شعبي من الألمانية المحرقة وعناصر أخرى عبرية وروسية وغيرها، ورأى أن غزو أذهان هذا الشعب لا يكون إلا بمخاطبته بلغته الأصيلة؛ عندئذ فكر منديل في الكتابة باليهودية؛ وكان عملا شاقا لأن هذه اللغة لم تكن لها أصول نحوية أو لغوية، وإنما كانت لغة الحديث الطائر. ولكن منديل كان فناناً ذا مواهب ممتازة، فاستطاع أن يخرج هذه اللغة الشعبية لغة أدبية تصلح للكتابة والقراءة؛ وكتب فعلا باليهودية لأول مرة؛ ووصف للشعب اليهودي حياته المظلمة العتيقة، وذلته الخالدة، وبؤسه المطبق؛ وأخذ يبث إليه روح النهوض والتحرر، وذلك في روايات شعبية جذابة. ولم يستطع كاتب يهودي غير منديل أن يصف نقائص أمته بمثل قوته وجرأته ودقته، فقد وصف طوائف الشعب اليهودي، الأغنياء والفقراء ورجال الدين والمفكرين وصفا قويا، ولم يخف نقيصة أو مأخذا، بل كان شديد الوطأة عليهم جميعاً، لا يذلله ويستدر شفقته سوى بؤس الشعب اليهودي
ولمنديل سفوريم عدة قصص شهيرة منها (الفرس)(رحلة بنيامين)(تروا)(خاتم السعادة) وفيها يصف المجتمع اليهودي في خلال القرن التاسع عشر في مختلف صوره؛ وفي قوة وصراحة لم تعرفا من قبل؛ ومن الغريب أنه استطاع أن يجعل من هذه اللغة اليهودية المبعثرة أداة قوية فصيحة للتعبير الحي؛ وأن يقود الطريق لجعلها لغة أدب يهودي جديد؛ وقد سار في أثره عدة من أكابر الكتاب اليهود في القرن التاسع عشر فكتبوا باليهودية، التي غدت في يومنا لغة أدب يهودي جديد
وتوفي منديل سفوريم في سنة ١٩١٧ وقد أربى على الثمانين بعد أن توطدت دعائم الأدب اليهودي الجديد الذي كان أول من وضع دعامته الأولى
وداع الحرية
يجد المؤرخ والقصصي معاً مادة بديعة في مصرع يوليوس قيصر؛ فقد كان حادثاً من أنبل وأعظم حوادث التاريخ، وكان بأدواره وتفاصيله قصة ساحرة. وقد صدرت أخيراً بالإنكليزية قصة عنوانها (وداع الحرية للكاتبة الإنكليزية فيليس بنتَلي، وهي قصة تاريخية رائعة، تستعرض فيها المؤلفة حياة قيصر ومجده الباذخ ومصرعه المفجع. وتصف لنا مس بنتلي خلال قصتها من الشخصيات الرومانية الشهيرة التي عاشت حول