كان ضمن الشروط والأغلال الفادحة التي فرضتها معاهدة الصلح على ألمانيا أن تجرد مناطق الرين الألمانية من سلاحها سواء ما كان منها غرب هذا النهر ملاصقاً للحدود الفرنسية والبلجيكية أو ما كان منها شرقي هذا النهر على بعد خمسين كيلو مترا داخل ألمانيا ذاتها. وقد أدمج تجريد منطقة الرين الألمانية من السلاح في المواد ٤٢ و٤٣ و٤٤ من معاهدة فرساي، وهذا نصها:
يحضر على ألمانيا أن تستبقي أو تنشئ تحصينات سواء في الضفة اليسرى من الرين، أو في الضفة اليمنى غرباً على مدى خط طوله خمسون ميلا شرقي النهر (٤٢)
يحظر أيضاً أن يستبقى أو يحشد في المنطقة السابقة قوات مسلحة سواء بصورة دائمة أو بصورة مؤقتة، وكذلك يحظر إجراء أية تمرينات عسكرية مهما كان نوعها، أو الاحتفاظ بأية إجراءات مادية لتسهيل التعبئة (٤٣)
إذا خالفت ألمانيا بأي صورة ما نصوص المادتين ٤٢ و٤٣، فإنها تعتبر أنها قد ارتكبت عملا عدائيا ضد الدول الموقعة على هذه المعاهدة، وأنها تحاول تعكير السلام العالمي (٤٤)
فهذه المواد الثلاث تجعل من ولايات الرين الألمانية منطقة محرمة من الوجهة العسكرية على ألمانيا؛ والغرض من وضعها تحت هذا النظام واضح، وهو أن تبقي أبواب ألمانيا الغربية مفتوحة أمام الجيوش الفرنسية والبلجيكية المرابطة على الحدود بحيث تستطيع في حالة وقوع حرب أو أعمال عدائية أن تقتحم الأراضي الألمانية في الحال قبل أن تستطيع الجيوش الألمانية تخطي المنطقة الحرام ومواجهة الغزاة
وكان هذا الشرط الفادح إلى جانب تجريد ألمانيا من السلاح وإنزال جيشها إلى مائة ألف، وتقييدها بأشد القيود فيما يتعلق بالمنشآت البحرية والجوية وصنع الذخائر، أشد ما يحز في نفس ألمانيا ويصدم عزتها كدولة عظمى لها ماض عسكري مجيد بين دول القارة العظمى، ولكن ألمانيا استطاعت بعد كفاح طويل شاق أن تحطم نصوص معاهدة فرساي وأن تتحرر منها تباعا؛ وكان آخر ظفر لها في هذا الميدان في شهر مارس من العام الماضي حينما أعلنت على لسان زعيمها هير هتلر بطلان النصوص العسكرية في معاهدة فرساي وتقرير