حريتها المطلقة في اتخاذ أي إجراءات تراها للدفاع عن نفسها، وتقرير الخدمة العسكرية الإجبارية؛ وذلك ردا على ما قررته فرنسا يومئذ من إطالة الخدمة العسكرية؛ ولم يكن باقياً من القيود العسكرية التي فرضت على ألمانيا سوى تجريد منطقة الرين وتحريمها كما تقدم، وكان هذا النظام التي رتبته معاهدة الصلح قد تأيد بعهد جديد عقد بين ألمانيا وأعدائها السابقين لتأمين السلام على ضفاف الرين، ونعني به ميثاق لوكارنو؛ ولكن ألمانيا رأت أخيرا في عقد الميثاق الفرنسي الروسي الجديد ما يحملها على اعتبار ميثاق لوكارنو باطلا منقوضاً؛ ومن ثم فقد أعلنت على لسان زعيمها في السابع من الشهر الجاري بطلان ميثاق لوكارنو، وبطلان نصوص معاهدة الصلح الخاصة بتحريم منطقة الرين، التي تحتلها الآن قوات عظيمة من الريخسفر (الجيش الألماني) وبذلك أتمت ألمانيا تحطيم آخر الأغلال العسكرية التي فرضت عليها في فرساي
ميثاق لوكارنو
وهكذا نرى أهمية الصلة المباشرة بين تجريد منطقة الرين وبين ميثاق لوكارنو؛ فميثاق لوكارنو يؤيد النظام الذي قررته معاهدة الصلح لمنطقة الرين. وقد عقد ميثاق لوكارنو في سنة ١٩٢٥؛ وكانت ألمانيا في الواقع أول من سعى إلى عقده. ذلك أن السياسة الألمانية كانت تقوم في ذلك الحين على فكرة التوفيق والتفاهم والتعاون؛ وكان عميدها يومئذ الدكتور شتريزمان يرى أن ألمانيا تكسب بالتفاهم مع فرنسا أكثر مما تكسب بالخصومة والمقاومة، وعرضت ألمانيا يومئذ أن تعقد مواثيق بتأمين السلامة المتبادلة وعدم الاعتداء والتحكيم؛ وعقد مؤتمر لوكارنو على أثر ذلك وشهده ممثلو الدول ذات الشأن وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا العظمى، وأسفر المؤتمر عن عقد ميثاق بالضمان المتبادل بين ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا العظمى وإيطاليا، وعن اتفاقات بالتحكيم بين ألمانيا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا، وألمانيا وبولونيا، وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا. وكانت فكرة ألمانيا ترمي إلى قصر الميثاق على منطقة الرين، أعني حدود ألمانيا الغربية، ولكن فرنسا أصرت على أن يشمل الضمان الحدود الشرقية، وأن يسمح لفرنسا بمعاونة بولونيا في حالة خرق معاهدة التحكيم الألمانية البولونية؛ وأصرت إنكلترا من جانبها على أن يقصر تعهدها بالضمان على منطقة الرين. وكان أهم نتائج مؤتمر لوكارنو بالطبع هو ميثاق السلامة الشهير الذي