للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مفتناً في إحياء خيراتها. ولا شك في أن هذه الناحية الضخمة من نواحي ثقافتنا التقليدية مهملة في معاهدنا كل الإهمال، فالمصريون مع الأسف أجهل الناس بتاريخ بلادهم، ذلك في حين أن تاريخ كل شعب جزء لا يتجزأ من ثقافته التقليدية

فالشاب المتعلم الذي يدرس مذاهب اليونان الفلسفية وتاريخ روما واليونان ومذاهب الأدب ومقدمة القوانين إلى غير ذلك مما يتلقى الشباب بين جدران معاهدنا، من غير أن يتصل بثقافة بلاده التقليدية، شاب مصري بالاسم لا بالروح ولا بالتقاليد. هو يجهل طبيعة بلاده وخلق أهله وتاريخ العصور التي توالت على وطنه وشكل الحكومات التي تناوبت الحكم فيه، والميراث الذي ورثه عن أجداده الأقدمين. ولا ريبة في أن شاباً هذا شأنه إنما يخرج من معاهد العلم متعلماً جاهلاً، وإن شئت فقل يخرج متعلماً مشحون الذهن بالكثير من المعلومات التي من شأنها أن تفصله عن طبيعة بلاده وتصيره في محيطه غريباً، كأنه غلطة جديدة في طبيعة شيء قديم. ومن هنا يكون عجزه عن الكفاح في الحياة وعن الاتصال بالأرض التي أنشأته وأنشأت السلالة التي انحدر منها منذ أقدم عصور التاريخ

والمحصل أننا مشرفون على أزمات اجتماعية أساسها الظاهر الآن كثرة العاطلين من المتعلمين الذين فصل التعليم بينهم وبين ثقافة بلادهم التقليدية فأصبحوا فيها غرباء، وسنعالج في المقال التالي مجمل ما صورنا حتى الآن من نقائص حياتنا الاجتماعية من حيث علاقتها بالتعليم

(يتبع)

إسماعيل مظهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>