فأرسطو الذي لم يفكر مبدئيا إلا في الطبيعة وعللها والأفلاك ومحركاتها سيق في آخر الأمر إلى إثبات محرك أكبر تتجه نحوه القوى وتشتاق إليه. و (كانت) الذي أنكر فكرة الإله في الدائرة الميتافزيقية عاد فأثبتها في أبحاثه الخلقية، وفي أوائل القرن الثالث عشر الميلادي حاربت الكنيسة الفلسفة الأرسطية وأحرقت كتبها، وحكمت بأقسى العقوبات على قرائها. ولكنها لم تلبث أن عادت فاعتنقت هذه الفلسفة وأضحى أرسطو أستاذ اللاهوت المسيحي الوحيد. وفي القرن السابع عشر حوكم جاليليو من جراء قوله بحركة الأرض، واليوم لا ترى الكنيسة ضيرا في اعتناق هذه النظرية. فإذا كان لنا أن نستفيد من هذه التجارب فواجبنا أن نترفع عن الخصومات الباطلة والنزاع الفاسد بين العلم والدين، وإذا كنا نريد أن نؤسس نهضتنا على أسس متينة فعلينا أن نفسح المجال للدراسة والبحث وأن نسير وراء الحقيقة كيفما كان مصدرها؛ والحكمة ضالة المؤمن يطلبها أنى وجدها