الخالصة إلى النزعة الإنسانية والخروج برسالته من الحيز المحلي الضيق إلى المحيط العالمي وبث روح الإخاء المشتركة، وهي التي أملت عليه ملاحم: الربيع، والأم، وترنيمة الشيطان، وصقلية تحت سيوف العرب الخ. . .
ولقد خدم كاردوتشي الأدب الإيطالي كنقادة أكثر مما خدمه كشاعر، ومن هنا استطاع داننزيو أن يحمل تقاليد أستاذه مع محافظته على الطابع الخاص به. ويتمثل هذا الطابع في غمر قصصه بعناصر الاستمتاع وصبغها بألوان من الشهوة الصارخة المتأججة، فهو كفنان رجل عابد للجمال، متأمل للحياة من خلال أحاسيسه، يخضع الفن لسلطان العاطفة أكثر مما يخضعه لسيادة العقل. ومعظم أبطاله شهوانيون، لا تطيب الحياة لهم إلا في جو من القبلات والعناق، يقدرون معايير الجمال عن طريق الشهوة، وينبذون الفكر والتأمل فحياتهم داعرة متهتكة
والذين يعرفون شاعرية داننزيو في رواياته الرائعة، كانتصار الموت والفرح والنار يستطيعون أن يستشفوا من خلال سطورها روحه الهائمة، التواقة إلى عبادة الجمال والتمرغ في أحضان الفن الشهواني وأوكار الحب المبتذل الرخيص
على أن داننزيو استطاع عن طريق نزعته إلى المجد، أن يعيد إلى الأدب الإيطالي جو الوطنية الصارخ، وأن يضع لجيوش بلاده أناشيدها الحماسية التي ترتلها في ساحات الوغى والقتال
ولم يكن استيلاؤه على فيومي إلا نوعاً من الأساليب الشعرية، فبعد أن خرق معاهدات الصلح وسير أساطيله لاحتلال هذه المنطقة الحرة أذاع بياناً على العالم قال فيه:(أستحلف فرنسا التي أنجبت هيجو وأمريكا التي خرج منها لنكولن وإنجلترا التي خلقت ملنون أن تكن شاهدات عدل على ما أتيته. أنا ابن الوطن الجندي المتطوع الذي دفعته الغريزة الإنسانية إلى أن يضم الرضيعة فيومي إلى أمها إيطاليا)
وفي قصيدته الحماسية الرائعة التي خاطب بها كبلنج شاعر الاستعمار البريطاني بمناسبة حرب الحبشة، تبدو أمامنا قوة شاعريته الظامئة نحو المجد إذ قال: (إن الرياح الأفريقية القائضة التي تسفع وجوهنا اللاتينية الجميلة لا تعادل جزءا من قوة إعصار البطولة التي تهب على قريحتي كلما فتحت دواوينك لأترنم بأناشيدك الاستعمارية في الهند وإفريقيا.